الخلال عن أبي سعيد مرفوعا: رجب من شهور الحرام وأيامه مكتوبة على أبواب السماء السادسة، فإذا صام الرجل منه يوما وجدد صومه بتقوى الله نطق الباب ونطق اليوم وقالا: يا رب اغفر له، وإذا لم يتم صومه بتقوى الله لم يستغفر له وقيل: خدعتك نفسك وأخرج أبو الفتح بن أبي الفوارس في أماليه عن الحسن مرسلا أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي. وحكى ابن السبكي عن محمد بن منصور السمعاني أنه قال: لم يرد في استحباب صوم رجب على الخصوص سنة ثابتة، والأحاديث التي تروى فيه واهية لا يفرح بها عالم، وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه أن عمر كان يضرب أكف الناس في رجب حتى يضعوها في الجفان ويقول:
كلوا فإنما هو شهر كان تعظمه الجاهلية. وأخرج أيضا من حديث زيد بن أسلم قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن صوم رجب فقال: أين أنتم عن شعبان وأخرج عن ابن عمر ما يدل على أنه كان يكره صوم رجب، ولا يخفاك أن الخصوصات إذا لم تنتهض للدلالة على استحباب صومه انتهضت العمومات، ولم يرد ما يدل على الكراهة حتى يكون مخصصا لها. وأما حديث ابن عباس عند ابن ماجة بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن صيام رجب ففيه ضعيفان: زيد بن عبد الحميد، وداود بن عطاء.
وعن رجل من باهلة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت:
يا رسول الله أنا الرجل الذي أتيتك عام الأول، فقال: فما لي أرى جسمك ناحلا؟ قال:
يا رسول الله ما أكلت طعاما بالنهار ما أكلته إلا بالليل، قال: من أمرك أن تعذب نفسك؟
قلت: يا رسول الله، إني أقوى، قال: صم شهر الصبر ويوما بعده، قلت: إني أقوى، قال: صم شهر الصبر ويومين بعده، قلت: إنا أقوى، قال: صم شهر الصبر وثلاثة أيام بعده وصم أشهر الحرم رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وهذا لفظه.
الحديث أخرجه أيضا النسائي، وقد اختلف في اسم الرجل الذي من باهلة فقال البغوي أبو القاسم في معجم الصحابة: أن اسمه عبد الله بن الحرث وقال: سكن البصرة وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حديثا ولم يسمه، وذكر في موضع آخر هذا الحديث، وكذلك قال ابن قانع في معجم الصحابة: أن اسمه عبد الله بن الحرث، والراوي عنه مجيبة الباهلية بضم الميم وكسر الجيم وسكون الياء آخر الحروف وبعدها باء موحدة مفتوحة وتاء تأنيث، ففي رواية أبي داود عن أبيها أو عمها يعني هذا الرجل،