عدمه إلى أمر آخر، وليس هذا شأن التخيير، ونازع عياض في ظهور دلالة الترتيب في السؤال عن ذلك فقال: إن مثل هذا السؤال قد يستعمل فيما هو على التخيير وقرره ابن المنير. قال البيضاوي: إن ترتيب الثاني على الأول والثالث على الثاني بالفاء يدل على عدم التخيير مع كونها في معرض البيان، وجواب السؤال فتنزل منزلة الشرط، وإلى القول بالترتيب ذهب الجمهور. وقد وقع في الروايات ما يدل على الترتيب والتخيير، والذين رووا الترتيب أكثر ومعهم الزيادة، وجمع المهلب والقرطبي بين الروايات بتعدد الواقعة. قال الحافظ: وهو بعيد لأن القصة واحدة والمخرج متحد، والأصل عد التعدد، وجمع بعضهم بحمل الترتيب على الأولوية والتخيير على الجواز وعكسه بعضهم.
قوله: فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بضم الهمزة للأكثر على البناء للمجهول، والرجل الآتي لم يسم. ووقع في رواية للبخاري: فجاء رجل من الأنصار وفي أخرى للدارقطني: رجل من ثقيف. قوله: بعرق فيه تمر بفتح المهملة والراء بعدها قاف، وفي رواية القابسي بإسكان الراء وقد أنكر ذلك عليه، والصواب الفتح كما قال عياض.
وقال الحافظ: الاسكان ليس بمنكر وهو الزنبيل والزنبيل هو المكتل، قال في الصحاح:
المكتل يشبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعا، ووقع عند الطبراني في الأوسط أنه أتى بمكتل فيه عشرون صاعا فقال: تصدق بهذا، وفي إسناده ليث بن أبي سليم، ووقع مثل ذلك عند ابن خزيمة من حديث عائشة، وفي مسلم عنها فجاءه عرقان فيهما طعام. قال في الفتح: ووجهه أن التمر كان في عرق لكنه كان في عرقين في حال التحميل على الدابة ليكون أسهل، فيحتمل أن الآتي به لما وصل أفرغ أحدهما في الآخر، فمن قال عرقان أراد ابتداء الحال، ومن قال عرق أراد ما آل إليه، وقد ورد في تقدير الاطعام حديث علي عند الدارقطني بلفظ: يطعم ستين مسكينا لكل مسكين مد وفيه: فأتى بخمسة عشر صاعا فقال: أطعمه ستين مسكينا. وكذا عند الدارقطني من حديث أبي هريرة. قال الحافظ: من قال عشرون أراد أصل ما كان عليه، ومن قال خمسة عشر أراد قدر ما يقع به الكفارة. قوله: تصدق بهذا استدل به وبما قبله من قال: إن الكفارة تجب على الرجل فقط، وبه قال الأوزاعي وهو الأصح من قولي الشافعي. وقال الجمهور: تجب على المرأة على اختلاف بينهم في الحرة والأمة، والمطاوعة والمكرهة، وهل هي عليها أو على الرجل؟ واستدل الشافعي بسكوته عن