والمراد أنها مقبولة وإن كان عاصيا كما جاء في حديث أبي هريرة عند أحمد مرفوعا: دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا، ففجره على نفسه. قال الحافظ: وإسناده حسن، وليس المراد أن لله تعالى حجابا يحجبه عن الناس. قال المصنف رحمه الله بعد أن ساق الحديث: وقد احتج به على وجوب صرف الزكاة في بلدها، واشتراط إسلام الفقير وأنها تجب في مال الطفل الغني عملا بعمومه، كما تصرف فيه مع الفقر انتهى. وفيه أيضا دليل على بعث السعاة، وتوصية الامام عامله فيما يحتاج إليه من الاحكام، وقبول خبر الواحد، ووجوب العمل به، وإيجاب الزكاة في مال المجنون للعموم أيضا، وأن من ملك نصابا لا يعطى من الزكاة من حيث إنه جعل أن المأخوذ منه غني وقابله بالفقير، وأن المال إذا تلف قبل التمكن من الأداء سقط ت الزكاة لإضافة الصدقة إلى المال. وقد استشكل عدم ذكر الصوم والحج في الحديث، مع أن بعث معاذ كان في آخر الامر كما تقدم، وأجاب ابن الصلاح بأن ذلك تقصير من بعض الرواة، وتعقب بأنه يفضي إلى ارتفاع الوثوق بكثير من الأحاديث النبوية لاحتمال الزيادة والنقصان، وأجاب الكرماني بأن اهتمام الشارع بالصلاة والزكاة أكثر، ولهذا كررا في القرآن، فمن ثم لم يذكر الصوم والحج في هذا الحديث مع أنهما من أركان الاسلام، وقيل: إذا كان الكلام في بيان الأركان لم يخل الشارع منه بشئ كحديث: بني الاسلام على خمس فإذا كان في الدعاء إلى الاسلام اكتفى بالأركان الثلاثة:
الشهادة والصلاة والزكاة، ولو كان بعد وجود فرض الحج والصوم لقوله تعالى: * (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة) * (التوبة: 5 و 11) مع أن نزولها بعد فرض الصوم والحج.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم فيجعل صفائح فتكوى بها جنباه وجبهته حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت تستن عليه، كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها عقصاء ولا جلحاء، كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله