شراء الرقبة لتعتق أولى من إعانة المكاتب لأنه قد يعان ولا يعتق، لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، ولان الشراء يتيسر في كل وقت بخلا ف الكتابة. وقال الزهري:
إنه يجمع بين الامرين، وإليه أشار المصنف وهو الظاهر لأن الآية تحتمل الامرين، وحديث البراء المذكور فيه دليل على أن فك الرقاب غير عتقها، وعلى أن العتق وإعانة المكاتبين على مال الكتابة من الأعمال المقربة من الجنة والمبعدة من النار. قوله: حق على الله فيه دليل على أن الله يتولى إعانة هؤلاء الثلاثة ويتفضل عليهم بأن لا يحوجهم، لكن بشرط أن يكون الغازي غازيا في سبيل الله، والمكاتب مريدا للأداء، والناكح متعففا. وقد اختلف في المكاتب إذا كان فاسقا هل يعان على الكتابة أم لا؟ فذهبت الهادوية إلى أنه لا يعان، قالوا: لأنه لا قربة في إعانته. وقال الشافعي والامام يحيى والمؤيد بالله: إنه يعان وهو الظاهر.
باب الغارمين عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع رواه أحمد وأبو داود. وعن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسأله فيها فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لاحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة فسحت يأكلها صاحبها سحتا رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود.
حديث أنس قد تقدم في باب ما جاء في الفقير والمسكين والمسألة وتقدم الكلام عليه هنالك. قوله: حمالة بفتح الحاء المهملة وهو ما يتحمله الانسان ويلتزمه في ذمته بالاستدانة ليدفعه في إصلاح ذات البين، وإنما تحل له المسألة بسببه، ويعطى من الزكاة بشرط أن يستدين