الوضوء منها، ليس بين الامرين تناف لامكان البداءة بمواضع الوضوء وبالميامن معا. قال الزين بن المنير. قوله: ابدأن بميامنها أي في الغسلات التي لا وضوء فيها، ومواضع الوضوء منها أي في الغسلة المتصلة بالوضوء، وفي هذا رد على من لم يقل باستحباب البداءة بالميامن وهم الحنفية، واستدل به على استحباب المضمضة والاستنشاق في غسل الميت خلافا للحنفية. قوله: اغسلنها وترا ثلاثا الخ استدل به على أن أقل الوتر ثلاث، قال الحافظ:
ولا دلالة فيه لأنه سيق مساق البيان للمراد، إذ لو أطلق لتناول الواحدة فما فوقها. قوله:
فضفرنا شعرها ثلاثة قرون هو بضاد وفاء خفيفة، وفيه استحباب ضفر شعر المرأة، وجعله ثلاثة قرون وهي ناصيتها وقرناها أي جانبا رأسها كما وقع في رواية وكيع عن سفيان عند البخاري تعليقا ووصل ذلك الإسماعيلي، وتسمية الناصية قرنا تغليب، وقال الأوزاعي والحنفية إنه يرسل شعر المرأة خلفها وعلى وجهها مفرقا. قال القرطبي: وكأن سبب الخلاف أن الذي فعلته أم عطية هل استندت فيه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيكون مرفوعا، أو هو شئ رأته ففعلته استحبابا؟ كلا الامرين محتمل، لكن الأصل أن لا يفعل في الميت شئ من جنس القرب إلا بإذن الشرع، ولم يرد ذلك مرفوعا، كذا قال.
وقال النووي: الظاهر عدم اطلاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتقريره له، وتعقب ذلك الحافظ بأن سعيد بن منصور روى عن أم عطية أنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اغسلنها وترا واجعلن شعرها ضفائر، وأخرج ابن حبان في صحيحه عن أم عطية مرفوعا بلفظ: واجعلن لها ثلاثة قرون. قوله:
فألقيناها خلفها فيه استحباب جعل ضفائر المرأة خلفها، وقد زعم ابن دقيق العيد أن الوارد في ذلك حديث غريب. قال في الفتح: وهو مما يتعجب منه مع كون الزيادة في صحيح البخاري وقد توبع رواتها عليها، وقد استوفى تلك المتابعات وذكر للحديث فوائد غير ما تقدم.
وعن عائشة قالت: لما أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اختلفوا فيه فقالوا: والله ما ندري كيف نصنع؟ أنجرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ قالت: فلما اختلفوا أرسل الله عليهم السنة حتى والله ما من القوم من رجل إلا ذقنه في صدره نائما، قالت: ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو فقال: اغسلوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم