وهو في الحقيقة شر. قوله: تكثرا فيه دليل على أن سؤال التكثر محرم، وهو السؤال لقصد الجمع من غير حاجة. قوله: فإنما يسأل جمرا الخ، قال القاضي عياض معناه أنه يعاقب بالنار، قال: ويحتمل أن يكون على ظاهره، وأن الذي يأخذه يصير جمرا يكوى به كما ثبت في مانع الزكاة.
وعن خالد بن عدي الجهني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من بلغه معروف عن أخيه عن غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه رواه أحمد. وعن ابن عمر قال: سمعت عمر يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال:
خذه إذا جاءك من هذا المال شئ وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وملأ فلا تتبعه نفسك متفق عليه.
حديث خالد بن عدي أخرجه أيضا أبو يعلى والطبراني في الكبير. قال في مجمع الزوائد: ورجال أحمد رجال الصحيح. قوله: ولا إشراف نفس الاشراف بالمعجمة التعرض للشئ والحرص عليه من قولهم: أشرف على كذا إذا تطاول، وقيل للمكان المرتفع مشرف لذلك. قال أبو داود: سألت أحمد عن إشراف النفس فقال: بالقلب.
وقال يعقوب بن محمد: سألت أحمد عنه فقال: هو أن يقول مع نفسه يبعث إلى فلان بكذا. وقال الأثرم: يضيق عليه أن يرده إذا كان كذلك. قوله: يعطيني سيأتي ما يدل على أن عطية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر بسبب العمالة كما في حديث ابن السعدي، ولهذا قال الطحاوي: ليس معنى هذا الحديث في الصدقات وإنما هو في الأموال، وليست هي من جهة الفقر ولكن شئ من الحقوق، فلما قال عمر: أعطه من هو أفقر إليه مني لم يرض بذلك لأنه إنما أعطاه لمعنى غير الفقر، قال: ويؤيده قوله في رواية شعيب: خذه فتموله فدل على أنه ليس من الصدقات. (واختلف العلماء) فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب؟ على ثلاثة مذاهب، حكاها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بعد إجماعهم على أنه مندوب. قال النووي: الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه مستحب في غير عطية السلطان، وأما عطية السلطان يعني الجائر فحرمها قوم وأباحها آخرون وكرهها قوم، والصحيح أنه إن غلب الحرام فيما في يد السلطان حرمت، وكذا إن أعطى من لا يستحق، وإن لم يغلب الحرام فمباح