الاطعام وهذا عذر بارد لا يتمسك به منصف في مقابلة الأحاديث الصحيحة، ومن جملة أعذارهم أن عمل أهل المدينة على خلاف ذلك وهو عذر أبرد من الأول، ومن أعذارهم أن الحديث مضطرب، وهذا إن تم لهم في حديث ابن عباس لم يتم في حديث عائشة فإنه لا اضطراب فيه بلا ريب. (وتمسك القائلون) بأنه يجوز في النذر دون غيره بأن حديث عائشة مطلق وحديث ابن عباس مقيد فيحمل عليه، ويكون المراد بالصيام صيام النذر، قال في الفتح: وليس بينهما تعارض حتى يجمع بينهما، فحديث ابن عباس صورة مستقلة يسأل عنها من وقعت له، وأما حديث عائشة فهو تقرير قاعدة عامة، وقد وقعت الإشارة في حديث ابن عباس إلى نحو هذا العموم حيث قال في آخره: فدين الله أحق أن يقضى انتهى، وإنما قال إن حديث ابن عباس صورة مستقلة يعني أنه من التنصيص على بعض أفراد العام، فلا يصلح لتخصيصه ولا لتقييده كما تقرر في الأصول. قوله: صام عنه ولى لفظ البزار:
فليصم عنه وليه إن شاء قال في مجمع الزوائد: وإسناده حسن. قال في الفتح:
اختلف المجيزون في المراد بقوله وليه فقيل كل قريب. وقيل: الوارث خاصة. وقيل:
عصبته، والأول أرجح، والثاني قريب. ويرد الثالث قصة المرأة التي سألت عن نذر أمها قال: واختلفوا هل يختص ذلك بالولي لأن الأصل عدم النيابة في العبادة البدنية، ولأنها عبادة لا يدخلها النيابة في الحياة فكذلك في الموت إلا ما ورد فيه الدليل، فيقتصر على ما ورد ويبقى الباقي على الأصل، وهذا هو الراجح. وقيل: لا يختص بالولي فلو أمر أجنبيا بأن يصوم عنه أجزأ، وقيل يصح استقلال الأجنبي بذلك، وذكر الولي لكونه الغالب. وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخير، وبه جزم أبو الطيب الطبري وقواه بتشبيهه صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بالدين، والدين لا يختص بالقريب انتهى. وظاهر الأحاديث أنه يصوم عنه وليه وإن لم يوص بذلك، وأن من صدق عليه اسم الولي لغة أو شرعا أو عرفا صام عنه، ولا يصوم عنه من ليس بولي، ومجرد التمثيل بالدين لا يدل على أن حكم الصوم كحكمه في جميع الأمور. قوله: وردها عليك الميراث فيه دليل على أنه يجوز لمن ملك قريبا له عينا من الأعيان ثم مات القريب بعد ذلك وورثه أن يتملك تلك العين، وقد سبق الكلام على هذا في كتاب الزكاة. قوله: قال حجي عنها فيه دليل على أنه يجوز