من باب استعمال المشترك في معنييه، فإن الحق يستعمل في معنى الواجب، كذا ذكره ابن الاعرابي، وكذا يستعمل في معنى الثابت، ومعنى اللازم، ومعنى الصدق وغير ذلك.
وقال ابن بطال: المراد بالحق هنا الحرمة والصحبة. وقال الحافظ: الظاهر أن المراد به هنا وجوب الكفاية. قوله: رد السلام فيه دليل على مشروعية رد السلام، ونقل ابن عبد البر الاجماع على أن ابتداء السلام سنة وأن رده فرض، وصفة الرد أن يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وهذه الصفة أكمل وأفضل، فلو حذف الواو جاز وكان تاركا للأفضل، وكذا لو اقتصر على وعليكم السلام بالواو أو بدونها أجزاه، فلو اقتصر على وعليكم لم يجزه بلا خلاف، ولو قال: وعليكم بالوا ففي إجزائه وجهان لأصحاب الشافعي. وظاهر قوله: حق المسلم أنه لا يرد على الكافر. وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم. وفي الصحيحين عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم. وأخرج البخاري نحوه من حديث ابن عمر، وقد قطع الأكثر بأنه لا يجوز ابتداؤهم بالسلام. وفي الصحيحين عن أسامة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين فسلم عليهم وفي الصحيحين أيضا: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى. قوله:
وعيادة المريض فيه دلالة على شرعية عيادة المريض وهي مشروعة بالاجماع، وجزم البخاري بوجوبها فقال: باب وجوب عيادة المريض، قال ابن بطال:
يحتمل أن يكون الوجوب للكفاية كإطعام الجائع وفك الأسير، ويحتمل أن يكون الوارد فيها محمولا على الندب، وجزم الداودي بالأول، وقال الجمهور بالندب، وقد تصل إلى الوجوب في حق بعض دون بعض وعن الطبري تتأكد في حق من ترجى بركته، وتسن فيمن يراعى حاله، وتباح فيما عدا ذلك، وفي الكافر خلاف ونقل النووي الاجماع على عدم الوجوب. قال الحافظ: يعني على الأعيان وعامة في كل مرض. قوله: واتباع الجنائز فيه أن اتباعها مشروع وهو سنة بالاجماع، واختلف في وجوبه، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى. قوله: وإجابة الدعوة فيه مشروعية إجابة الدعوة وهي أعم من الوليمة، وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب