أياما من رمضان ثم سافر، والذي تقوم به الحجة على جواز إفطار من أصبح في حضر مسافرا هو حديث الباب، وكذلك حديث جابر المتقدم في الباب الأول كما تقدم تحقيق ذلك قال المصنف رحمه الله بعد أن ساق الحديث: قال شيخنا عبد الرزاق بن عبد القادر:
صوابه خيبر أو مكة، لأنه قصدهما في هذا الشهر، فأما حنين فكانت بعد الفتح بأربعين ليلة انتهى. والفتح كان لعشر بقين من رمضان، وقيل: لتسع عشرة ليلة خلت منه. قال في الفتح وهو الذي اتفق عليه أهل السير: وكانت خروجه صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة في عاشر شهر رمضان، فإذا كانت حنين بعده بأربعين ليلة لم يستقم أن يكون السفر إليها في رمضان.
وعن محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل، فقلت له: سنة؟
فقال: سنة، ثم ركب رواه الترمذي. وعن عبيد بن جبر قال: ركبت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في رمضان فدفع ثم قرب غداءه ثم قال: اقترب فقلت: ألست بين البيوت؟ فقال أبو بصرة: أرغبت عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رواه أحمد وأبو داود.
الحديث الأول ذكره الحافظ وسكت عنه وفي إسناده عبد بن جعفر والد علي بن المديني وهو ضعيف. والحديث الثاني سكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص ورجال إسناده ثقات. وأخرج البيهقي عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أنه كان يسافر وهو صائم فيفطر من يومه. قوله: من الفسطاط هو اسم علم لمصر العتيقة التي بناها عمرو بن العاص. (والحديثان) يدلان على أنه يجوز للمسافر أن يفطر قبل خروجه من الموضع الذي أراد السفر منه. قال ابن العربي في العارضة: هذا صحيح ولم يقل به إلا أحمد أما علماؤنا فمنعوا منه، لكن اختلفوا إذا أكل هل عليه كفارة؟ فقال مالك: لا، وقال أشهب: هو متأول، وقال غيرهما: يكفر، ونحب أن يكفر لصحة الحديث ولقول أحمد: عذر يبيح الافطار فطريانه على الصوم يبيح الفطر كالمرض، وفرق بأن المرض لا يمكن دفعه بخلاف السفر. قال ابن العربي: وأما حديث أنس فصحيح يقتضي جواز الفطر مع أهبة السفر، ثم ذكر أن قوله من السنة بد من أن يرجع إلى التوقيف، والخلاف في ذلك معروف في