وقد استدل به على عدم وجوب الزكاة في الحمر، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن زكاتها فلم يذكر أن فيها الزكاة، والبراءة الأصلية مستصحبة، والأحكام التكليفية لا تثبت بدون دليل، ولا أعرف قائلا من أهل العلم يقول بوجوب الزكاة في الحمر لغير تجارة واستغلال.
باب زكاة الذهب والفضة عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهما، وليس في تسعين ومائة شئ، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وفي لفظ: قد عفوت لكم عن الخيل وليس فيما دون المائتين زكاة رواه أحمد والنسائي.
الحديث روي من طريق عاصم بن ضمرة عن علي. ومن طريق الحرث الأعور عن علي أيضا، قال الترمذي: روى هذا الحديث الأعمش وأبو عوانة وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي. وروى سفيان الثوري وابن عيينة وغير واحد عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي، وسألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: كلاهما عندي صحيح انتهى. وقد حسن هذا الحديث الحافظ، وقال الدارقطني:
الصواب وقفه على علي. (الحديث يدل) على وجوب الزكاة في الفضة وهو مجمع على ذلك. ويدل أيضا على أن زكاتها ربع العشر ولا أعلم في ذلك خلافا. ويدل أيضا على اعتبار النصاب في زكاة الفضة وهو إجماع أيضا، وعلى أنه مائتا درهم، قال الحافظ: ولم يخالف في أن نصاب الفضة مائتا درهم إلا ابن حبيب الأندلسي فإنه قال: إن أهل كل بلد يتعاملون بدراهمهم. وذكر ابن عبد البر اختلافا في الوزن بالنسبة إلى دراهم الأندلس وغيرها من دراهم البلدان، قيل: وبعضهم اعتبر النصاب بالعدد لا بالوزن وهو خارق للاجماع، وهذا البعض الذي أشار إليه هو المريسي، وبه قال المغربي من الظاهرية كما في البحر، وقد قوي كلام هذا المغربي الظاهري المغربي الصنعاني شرح بلوغ المرام وقال: إنه الظاهر إن لم يمنع منه إجماع، وحكي في البحر عن مالك أنه يغتفر نقص الحبة والحبتين، ولا بد أن يكون النصاب خالصا عن الغش، كما ذهب إليه