الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: كدت أقتل بعدك في عناق أو شاة من الصدقة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لولا أنها تعطى فقراء المهاجرين ما أخذتها. ولما أخرجه البيهقي وعلقه البخاري عن معاذ: أنه قال لأهل اليمن: ائتوني بكل خميس ولبيس آخذه منكم مكان الصدقة فإنه أرفق بكم وأنفع للمهاجرين والأنصار بالمدينة وفيه انقطاع. وقال الإسماعيلي: إنه مرسل فلا حجة فيه، لا سيما مع معارضته لحديثه المتفق عليه الذي تقدم، وقد قال فيه بعض الرواة من الجزية بدل قوله الصدقة. أو يحمل على أنه بعد كفاية من في اليمن وإلا فما كان معاذ ليخالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قوله: من مخلاف الخ، فيه دليل على أن من انتقل من بلد إلى بلد كان زكاة ماله لأهل البلد الذي انتقل منه مهما أمكن إيصال ذلك إليهم.
وعن معاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثه إلى اليمن فقال: خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقرة من البقر رواه أبو داود وابن ماجة. والجبرانات المقدرة في حديث أبي بكر تدل على أن القيمة لا تشرع وإلا كانت تلك الجبرانات عبثا.
الحديث صححه الحاكم على شرطهما، وفي إسناده عطاء عن معاذ ولم يسمع منه لأنه ولد بعد موته، أو في سنة موته، أو بعد موته بسنة. وقال البزار: لا نعلم أن عطاء سمع من معاذ. وقد استدل بهذا الحديث من قال إنها تجب الزكاة من العين، ولا يعدل عنها إلى القيمة إلا عند عدمها وعدم الجنس، وبذلك قال الهادي والقاسم والشافعي والامام يحيى. وقال أبو حنيفة والمؤيد بالله أنها تجزئ مطلقا، وبه قال الناصر والمنصور بالله وأبو العباس وزيد بن علي، واستدلوا بقول معاذ: ائتوني بكل خميس ولبيس، فإن الخميس واللبيس ليس إلا قيمة عن الأعيان التي تجب فيها الزكاة، وهو مع كونه فعل صحابي لا حجة فيه، فيه انقطاع وإرسال كما قدمنا ذلك في الشرح للحديث الذي قبل هذا، فالحق أن الزكاة واجبة من العين لا يعدل عنها إلى القيمة إلا لعذر. قوله: والجبرانات بضم الجيم جمع جبران وهو ما يجبر به الشئ، وذلك نحو قوله في حديث أبي بكر السابق: ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما فإن ذلك ونحوه يدل على أن الزكاة واجبة في العين، ولو كانت القيمة هي الواجبة لكان ذكر ذلك عبثا لأنها تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، فتقدير