من الشافعية نقل إجماع الصحابة على أنه يكتب في ميسم الزكاة زكاة أو صدقة، وقد ذكره بعض الحنفية الوسم بالميسم لدخوله في عموم النهي عن المثلة، وحديث الباب يخصص هذا العموم فهو حجة عليه. (وفي الحديث) اعتناء الامام بأموال الصدقة وتوليها بنفسه، وجواز تأخير القسمة لأنها لو عجلت لاستغني عن الوسم. قوله: إن عليها ميسم الجزية الخ، فيه دليل على أن وسم إبل الجزية كان يفعل في أيام الصحابة كما كان يوسم إبل الصدقة.
أبواب الأصناف الثمانية باب ما جاء في الفقير والمسكين والمسألة والغني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، اقرؤوا إن شئتم: لا يسألون الناس إلحافا وفي لفظ: ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس متفق عليهما.
قوله: ولا اللقمة واللقمتان في رواية للبخاري: الاكلة والأكلتان. قوله: يغنيه هذه صفة زائدة على الغنى المنهي إذ لا يلزم من حصول اليسار للمرء أن يغنى به بحيث لا يحتاج إلى شئ آخر، وكان المعنى نفي اليسار المقيد بأنه يغنيه مع وجود أصل اليسار. (وفي الحديث) دليل على أن المسكين هو الجامع بين عدم الغنى وعدم تفطن الناس له لما يظن به لأجل تعففه وتظهره بصورة الغني من عدم الحاجة، ومع هذا فهو مستعفف عن السؤال. (وقد استدل) به من يقول: إن الفقير أسوأ حالا من المسكين، وإن المسكين الذي له شئ لكنه لا يكفيه، والفقير الذي لا شئ له، ويؤيده قوله تعالى: * (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر) * (الكهف: 79) فسماهم مساكين مع أن لهم سفينة يعملون فيها، وإلى هذا ذهب الشافعي والجمهور كما قال في الفتح، وذهب أبو حنيفة والعترة إلى أن المسكين دون الفقير واستدلوا بقوله تعالى: * (أو مسكينا ذا متربة) * (البلد: 16) قالوا: لأن المراد يلصق بالتراب للعري. وقال ابن القاسم وأصحاب مالك: أنهما سواء.