تدل على جواز الدفن بالليل، وبه قال الجمهور، وكرهه الحسن البصري، واستدل بحديث أبي قتادة المتقدم في باب استحباب إحسان الكفن وفيه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زجر أن يقبر الرجل ليلا حتى يصلى عليه. وأجيب عنه أن الزجر منه صلى الله عليه وآله وسلم إنما كان لترك الصلاة لا للدفن بالليل، أو لأجل أنهم كانوا يدفنون بالليل لرداءة الكفن، فالزجر إنما هو لما كان الدفن بالليل مظنة إساءة الكفن كما تقدم، فإذا لم يقع تقصير في الصلاة على الميت وتكفينه فلا بأس بالدفن ليلا.
وقد قيل في تعليل كراهة الدفن بالليل أن ملائكة النهار أرأف من ملائكة الليل، ولم يصح ما يدل على ذلك.
باب الدعاء للميت بعد دفنه عن عثمان قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل رواه أبو داود. وعن راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وحكيم بن عمير قالوا: إذا سوي على الميت قبره وانصرف الناس عنه كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره:
يا فلان قل لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ثلاث مرات، يا فلان قل: ربي الله، وديني الاسلام، ونبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم ينصرف رواه سعيد في سننه.
الحديث الأول أخرجه أيضا الحاكم وصححه والبزار وقال: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وآله إلا من هذا الوجه. والأثر المروي عن راشد وضمرة وحكيم ذكره الحافظ في التلخيص وسكت عنه، وراشد المذكور شهد صفين مع معاوية ضعفه ابن حزم، وقال الدارقطني: يعتبر به. والثلاثة كلهم من قدماء التابعين حمصيون، وقد روي نحوه مرفوعا من حديث أبي أمامة عند الطبراني وعبد العزيز الحنبلي في الشافي أنه قال: إذا أنامت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه يسمعه