فقعد على المنبر فكبر وحمد الله عز وجل ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، لا إله إلا الله، يفعل الله ما يريد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره وقلب، أو حول رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله تعالى سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله تعالى، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه فقال: أشهد أن الله على كل شئ قدير، وأني عبد الله ورسوله رواه أبو داود.
الحديث أخرجه أيضا أبو عوانة وابن حبان والحاكم وصححه ابن السكن، وقال أبو داود: هذا حديث غريب إسناده جيد. قوله: قحوط المطر هو مصدر قحط. قوله: فأمر بمنبر الخ فيه استحباب الصعود على المنبر لخطبة الاستسقاء.
قوله: ووعد الناس الخ، فيه أنه يستحب للامام أن يجمع الناس ويخرج بهم إلى خارج البلد.
قوله: حين بدا حاجب الشمس في القاموس: حاجب الشمس ضوءها أو ناحيتها انتهى. وإنما سمي الضوء حاجبا لأنه يحجب جرمها عن الادراك. وفيه استحباب الخروج لصلاة الاستسقاء عند طلوع الشمس. وقد أخرج الحاكم وأصحاب السنن عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صنع في الاستسقاء كما صنع في العيد وسيأتي، وظاهره أنه صلاها وقت صلاة العيد كما قال الحافظ. وقد حكى ابن المنذر الاختلاف في وقتها، قال في الفتح: والراجح أنه لا وقت لها معين وإن كان أكثر أحكامها كالعيد، لكنها مخالفة بأنها لا تختص بيوم معين. ونقل ابن قدامة الاجماع على أنها لا تصلي في وقت الكراهة، وأفاد ابن حبان بأن خروجه صلى الله عليه وآله وسلم للاستسقاء كان في شهر رمضان سنة ست من الهجرة. قوله: عن إبان زمانه بكسر الهمز وبعدها باء موحدة مشددة قال في القاموس: إبان الشئ بالكسر حينه أو أوله انتهى. قوله: وقد أمركم الله الخ، يريد قول الله تعالى: * (ادعوني أستجب لكم) * (غافر: 60).