حديث كريب هذا للتخصيص، فينبغي أن يقتصر فيه على محل النص إن كان النص معلوما، أو على المفهوم منه إن لم يكن معلوما لوروده على خلاف القياس، ولم يأت ابن عباس بلفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا بمعنى لفظه حتى ننظر في عمومه وخصوصه، إنما جاءنا بصيغة مجملة أشار بها إلى قصة هي عدم عمل أهل المدينة برؤية أهل الشام على تسليم أن ذلك المراد، ولم نفهم منه زيادة على ذلك حتى نجعله مخصصا لذلك العموم، فينبغي الاقتصار على المفهوم من ذلك الوارد على خلاف القياس وعدم الالحاق به، فلا يجب على أهل المدينة العمل برؤية أهل الشام دون غيرهم، ويمكن أن يكون في ذلك حكمة لا نعقلها، ولو نسلم صحة الالحاق وتخصيص العموم به، فغايته أن يكون في المحلات التي بينها من البعد ما بين المدينة والشام أو أكثر، وأما في أقل من ذلك فلا، وهذا ظاهر، فينبغي أن ينظر ما دليل من ذهب إلى اعتبار البريد أو الناحية أو البلد في المنع من العمل بالرؤية، والذي ينبغي اعتماده هو ما ذهب إليه المالكية وجماعة من الزيدية، واختاره المهدي منهم، أو حكاه القرطبي عن شيوخه أنه إذا رآه أهل بلد لزم أهل البلاد كلها، ولا يلتفت إلى ما قاله ابن عبد البر من أن هذا القول خلاف الاجماع، قال: لأنهم قد أجمعوا على أنه لا تراعى الرؤية فيما بعد من البلدان كخراسان والأندلس، وذلك لأن الاجماع لا يتم والمخالف مثل هؤلاء الجماعة.
باب وجوب النية من الليل في الفرض دون النفل عن ابن عمر عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له رواه الخمسة.
الحديث أخرجه أيضا ابن خزيمة وابن حبان وصححاه مرفوعا. وأخرجه أيضا الدارقطني، قال في التلخيص: واختلف الأئمة في رفعه ووقفه، فقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا أدري أيهما أصح، يعني رواية يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم، أو رواية إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم بغير واسطة الزهري لكن الوقف أشبه. وقال أبو داود: لا يصح رفعه، وقال الترمذي:
الموقوف أصح، ونقل في العلل عن البخاري أنه قال: هو خطأ وهو حديث فيه اضطراب، والصحيح عن ابن عمر موقوف، وقال النسائي: الصواب عندي موقوف، ولم يصح