حديث ابن عباس الآتي، ويؤيد قول من قال بجواز الاعتكاف ساعة أو لحظة حديث: من اعتكف فواق ناقة فكأنما أعتق نسمة رواه العقيلي في الضعفاء من حديث عائشة وأنس. قال في البدر المنير: هذا حديث غريب لا أعرفه بعد البحث الشديد عنه. وقال الحافظ: هو منكر ولكنه أخرجه الطبراني في الأوسط، قال الحافظ: لم أر في إسناده ضعفا إلا أن فيه وجادة وفي المتن نكارة شديدة، وذهبت العترة وأبو حنيفة إلى أن أقل مدة الاعتكاف يوم. قوله: ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع فيه دليل على أن المسجد شرط للاعتكاف. قال في الفتح: واتفق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف إلا محمد بن عمر بن لبابة المالكي فأجازه في كل مكان، وأجاز الحنفية للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها وهو المكان المعد للصلاة. وفيه قول للشافعي قديم، وفي وجه لأصحابه، وللمالكية يجوز للرجال والنساء لأن التطوع في البيوت أفضل، وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى اختصاصه بالمساجد التي تقام فيها الصلوات، وخصه أبو يوسف بالواجب منه، وأما النفل ففي كل مسجد، وقال الجمهور بعمومه في كل مسجد، انتهى كلام الفتح. وسيأتي قول من قال: إنه يختص بالمساجد الثلاثة.
وعن ابن عمر أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: فأوف بنذرك متفق عليه. وزاد البخاري: فاعتكف ليلة. وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه رواه الدارقطني وقال: رفعه أبو بكر السوسي وغيره لا يرفعه.
الحديث الثاني رجح الدارقطني، والبيهقي وقفه، وأخرجه الحاكم مرفوعا وقال:
صحيح الاسناد. قوله: أن عمر سأل لم يذكر مكان السؤال. وفي رواية للبخاري: أن ذلك كان بالجعرانة لما رجعوا من حنين، ويستفاد منه الرد على من زعم أن اعتكاف عمر كان قبل المنع من الصيام في الليل، لأن غزوة حنين متأخرة عن ذلك. قوله: نذرت فالجاهلية زاد مسلم: فلما أسلمت سألت، وفي ذلك رد على من زعم أن المراد بالجاهلية ما قبل فتح مكة، وأنه إنما نذر في الاسلام، وأصرح من ذلك ما أخرج الدارقطني بلفظ: نذر أن يعتكف في الشرك. قوله: أن أعتكف ليلة استدل به على جواز الاعتكاف بغير صوم، لأن الليل ليس بوقت صوم، وقد أمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يفي بنذره على الصفة التي أوجبها، وتعقب بأن في رواية لمسلم: يوما بدل ليلة، وقد جمع ابن حبان