كان منهم غير موحد فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين، ومن كان موحدا فالمطالبة له بالجمع بينهما. قوله: فإن هم أطاعوك الخ، استدل به على أن الكفار غير مخاطبين بالفروع حيث دعوا أولا الايمان فقط ثم دعوا إلى العمل، ورتب ذلك عليه بالفاء، وتعقب بأن مفهوم الشرط مختلف في الاحتجاج به، وبأن الترتيب في الدعوة لا يستلزم الترتيب في الوجوب، كما أن الصلاة والزكاة لا ترتيب بينهما في الوجوب، وقد قدمت إحداهما على الأخرى في هذا الحديث، ورتبت الأخرى عليها بالفاء. قوله: خمس صلوات استدل به على أن الوتر ليس بفرض، وكذلك تحية المسجد وصلاة العيد وقد تقدم البحث عن ذلك. قوله: فإن هم أطاعوك لذلك قال ابن دقيق العيد: يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون المراد إن هم أطاعوك بالاقرار بوجوبها عليهم والتزامهم بها. والثاني أن يكون المراد الطاعة بالفعل، وقد رجح الأول بأن المذكور هو الاخبار بالفريضة فتعود الإشارة إليها ويرجع الثاني أنهم لو أخبروا بالفريضة فبادروا إلى الامتثال بالفعل لكفى، ولم يشترط التلفظ بخلاف الشهادتين، فالشرط عدم الانكار والاذعان للوجوب. وقال الحافظ:
المراد القدر المشترك بين الامرين، فمن امتثل بالاقرار أو بالفعل كفاه أو بهما فأولى، وقد وقع في رواية الفضل بن العلاء بعد ذكر الصلاة فإذا صلوا، وبعد ذكر الزكاة فإذا أقروا بذلك فخذ منهم. قوله: صدقة زاد البخاري في رواية: في أموالهم، وفي رواية له أخرى: افترض عليهم زكاة في أموالهم. قوله: تؤخذ من أغنيائهم استدل به على أن الامام هو الذي يتولى قبض الزكاة وصرفها إما بنفسه وإما بنائبه، فمن امتنع منهم أخذت منه قهرا. قوله: على فقرائهم استدل به لقول مالك وغيره: إنه يكفي إخراج الزكاة في صنف واحد وفيه بحث كما قال ابن دقيق العيد لاحتمال أن يكون ذكر الفقراء لكونهم الغالب في ذلك، وللمطابقة بينهم وبين الأغنياء. قال الخطابي: وقد يستدل به من لا يرى على المديون زكاة إذا لم يفضل من الدين الذي عليه قدر نصاب لأنه ليس بغني إذ إخراج ماله مستحق لغرمائه. قوله: فإياك وكرائم أموالهم كرائم منصوب بفعل مضمر يجوز إظهاره، والكرائم جمع كريمة أي نفيسة. (وفيه دليل) على أنه لا يجوز للمصدق أخذ خيار المال لأن الزكاة لمواساة الفقراء، فلا يناسب ذلك الاجحاف بالمالك إلا برضاه. قوله: واتق دعوة المظلوم فيه تنبيه على المنع من جميع أنواع الظلم والنكتة في ذكره عقب المنع من أخذ كرائم الأموال الإشارة إلى أن أخذها ظلم. قوله: حجاب أي ليس لها صارف يصرفها ولا مانع،