أبو داود عن الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز أن سرره أوله. ونقل الخطابي عن الأوزاعي كالجمهور، وقيل: السرر وسط الشهر، حكاه أبو داود أيضا ورجحه بعضهم.
ووجهه بأن السرر جمع سرة وسرة الشئ وسطه. ويؤيده الندب إلى صيام البيض وهي وسط، وإن لم يرد في صيام آخر الشهر ندب، بل ورد فيه نهي خاص بآخر شعبان لمن صامه لأجل رمضان. ورجحه النووي بأن مسلما أفرد الرواية التي فيها سرة هذا الشهر عن بقية الروايات، وأردف بها الروايات التي فيها الحث على صيام البيض وهي وسط الشهر كما تقدم.
وقد قال الخطابي: إن بعض أهل العلم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن سؤاله عن ذلك سؤال زجر وإنكار، لأنه قد نهى أن يستقبل الشهر بيوم أو يومين، وتعقب بأنه لو أنكر ذلك لم يأمره بقضائه، وأجاب الخطابي باحتمال أن يكون الرجل أوجبها على نفسه فلذلك أمره بالوفاء، وأن يقضي ذلك في شوال، وقال آخرون: فيه دليل على أن النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين إنما هو لمن يقصد به التحري لأجل رمضان، وأما من لم يقصد ذلك فلا يتناوله النهي، وهو خلاف ظاهر حديث النهي، لأنه لم يستثن منه إلا من كانت له عادة. وقال القرطبي: الجمع بين الحديثين ممكن بحمل النهي على من ليست له عادة بذلك، وحمل الامر على من له عادة وهذا هو الظاهر، وقد استثنى من له عادة في حديث النهي بقوله: إلا أن يكون رجل كان يصوم صوما فليصمه فلا يجوز صوم النفل المطلق الذي لم تجر بها عادة، وكذلك يحمل حديث معاوية المذكور في الباب بعد ثبوته على من كان معتادا للصوم في ذلك الوقت. وأما قول المصنف: أنه يحمل على التقدم بأكثر من يومين فغير ظاهر، لأن حديث العلاء بن عبد الرحمن المتقدم يدل على المنع من صوم النصف الآخر من شعبان، وقد جمع الطحاوي بين حديث النهي. وحديث العلاء بأن حديث العلاء محمول على من يضعفه الصوم، وحديث الباب مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان. قال في الفتح: وهو جمع حسن. (وقد اختلف) في الحكمة في النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، فقيل:
هي التقوى بالفطر لرمضان ليدخل فيه بقوة ونشاط وفيه نظر، لأن مقتضى الحديث أنه لو تقدمه بصوم ثلاثة أيام أو أربعة أيام جاز. وقيل: الحكمة خشية اختلاط النفل بالفرض وفيه نظر، لأنه يجوز لمن له عادة كما تقدم. وقيل: لأن الحكم معلق بالرؤية فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم. قال في الفتح:
وهذا هو المعتمد ولا يرد عليه صوم من اعتاد ذلك لأنه قد أذن له فيه وليس