الحديث الأول أخرجه أيضا الدارمي وابن حبان والحاكم وصححاه، والبيهقي وصححه ابن حزم كلهم من طريق أبي بكر بن نافع عن نافع عنه. والحديث الثاني أخرجه أيضا ابن حبان والدارقطني والبيهقي والحاكم، قال الترمذي: روي مرسلا. وقال النسائي إنه أولى بالصواب، وسماك بن حرب إذا تفرد بأصل لم يكن حجة. (وفي الباب) عن ابن عباس وابن عمر أيضا عند الدارقطني والطبراني في الأوسط من طريق طاوس قال: شهدت المدينة وبها ابن عمر وابن عباس فجاء رجل إلى واليها وشهد عنده على رؤية هلال شهر رمضان، فسأل ابن عمر وابن عباس عن شهادته فأمراه أن يجيزه وقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجاز شهادة واحد على رؤية هلال رمضان، وكان لا يجيز شهادة الافطار إلا بشهادة رجلين. قال الدارقطني: تفرد به حفص بن عمر الأيلي وهو ضعيف. (والحديثان) المذكوران في الباب يدلان على أنها تقبل شهادة الواحد في دخول رمضان، وإلى ذلك ذهب ابن المبارك وأحمد بن حنبل والشافعي في أحد قوليه. قال النووي: وهو الأصح، وبه قال المؤيد بالله، وقال مالك والليث والأوزاعي والثوري والشافعي في أحد قوليه والهادوية: أنه لا يقبل الواحد بل يعتبر اثنان، واستدلوا بحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب الآتي وفيه: فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا. وبحديث أمير مكة الآتي وفيه: فإن لم نره وشهد شاهدا عدل، وظاهرهما اعتبار شاهدين، وتأولوا الحديثين المتقدمين باحتمال أن يكون قد شهد عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم غيرهما، وأجاب الأولون بأن التصريح بالاثنين غاية ما فيه المنع من قبول الواحد بالمفهوم، وحديثا الباب يدلان على قبوله بالمنطوق ودلالة المنطوق أرجح. وأما التأويل بالاحتمال المذكور فتعسف وتجويز، لو صح اعتبار مثله لكان مفضيا إلى طرح أكثر الشريعة. وحكي في البحر عن الصادق وأبي حنيفة وأحد قولي المؤيد بالله أنه يقبل الواحد في الغيم، لاحتمال خفاء الهلال عن غيره لا الصحو فلا يقبل إلا جماعة لبعد خفائه. واختلف أيضا في شهادة خروج رمضان، فحكي في البحر عن العترة جميعا والفقهاء أنه لا يكفي الواحد في هلال شوال. وحكي عن أبي ثور أنه يقبل. قال النووي في شرح مسلم: لا تجوز شهادة عدل واحد على هلال شوال عند جميع العلماء إلا أبا ثور فجوزه بعدل انتهى. (واستدل) الجمهور بحديث ابن عمر وابن عباس المتقدم، وهو مما لا تقوم به حجة لما تقدم من ضعف من
(٢٥٩)