سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار بمن معه من المسلمين إلى مكة يصوم ويصومون، حتى إذا بلغ الكديد وهو ماء بين عسفان وقديد أفطر وأفطروا، وإنما يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالآخر فالآخر متفق على هذه الأحاديث، إلا أن مسلما له معنى حديث ابن عباس من غير ذكر عشرة آلاف ولا تاريخ الخروج. وعن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال: يا رسول الله أجد مني قوة على الصوم في السفر فهل علي جناح؟ فقال: هي رخصة من الله تعالى فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه رواه مسلم والنسائي وهو قوي الدلالة على فضيلة الفطر. وعن أبي سعيد وجابر قالا: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيصوم الصائم ويفطر المفطر فلا يعيب بعضهم على بعض رواه مسلم. وعن أبي سعيد قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة ونحن صيام قال:
فنزلنا منزلا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فكانت رخصة، فمنا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر فقال: إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم فافطروا فكانت عزمة فأفطرنا، ثم لقد رأيتنا نصوم بعد ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السفر رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
قوله: أأصوم قال ابن دقيق العيد: ليس فيه تصريح بأنه صوم رمضان، فلا يكون فيه حجة على من منع صوم رمضان في السفر. قال الحافظ: هو كما قال بالنسبة إلى سياق حديث الباب، لكن في رواية لمسلم أنه أجابه بقوله: هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه وهذا يشعر بأنه سأل عن صيام الفريضة، لأن الرخصة إنما تطلق في مقابل ما هو واجب. وأصرح من ذلك ما أخرجه أبو داود والحاكم عنه أنه قال: يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه أسافر عليه وأكريه ربما صادفني هذ الشهر يعني رمضان وأنا أجد القوة وأجد لي أن أصوم أهون علي من أن أؤخره فيكون دينا، فقال: أي ذلك شئت. وفي هذا الحديث دلالة على استواء الصوم والافطار في السفر. قوله: في شهر رمضان هذا لفظ مسلم. وفي البخاري: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أسفاره وبرواية مسلم يتم المراد من الاستدلال ويتوجه بها الرد على ابن حزم حيث زعم أن