يمنع من الصرف إليه. ووجوب الزكاة أمر مقطوع به في الشرع يستغني عن تكلف الاحتجاج له، وإنما وقع الاختلاف في بعض فروعها فيكفر جاحدها. وقد اختلف في الوقت الذي فرضت فيه فالأكثر أنه بعد الهجرة. وقال ابن خزيمة: إنها فرضت قبل الهجرة. واختلف الأولون فقال النووي: إن ذلك كان في السنة الثانية من الهجرة. وقال ابن الأثير في التاسعة قال في الفتح: وفيه نظر لأنها ذكرت في حديث ضمام بن ثعلبة، وفي حديث وفد عبد القيس، وفي عدة أحاديث، وكذا في مخاطبة أبي سفيان مع هرقل وكانت في أول السابعة وقال فيها يأمرنا بالزكاة. وقد أطال الكلام الحافظ على هذا في أوائل كتاب الزكاة من الفتح فليرجع إليه.
باب الحث عليها والتشديد في منعها عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال: إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وإني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب رواه الجماعة.
قوله: لما بعث معاذا كان بعثه سنة عشر قبل حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ذكره البخاري في أواخر المغازي. وقيل: كان ذلك في سنة تسع عند منصرفه من تبوك، رواه الواقدي بإسناده إلى كعب بن مالك، وقد أخرجه ابن سعد في الطبقات عنه، ثم حكى ابن سعد أنه كان في ربيع الآخر سنة عشر، وقيل: بعثه عام الفتح سنة ثمان، واتفقوا على أنه لم يزل باليمن إلى أن قدم في عهد أبي بكر ثم توجه إلى الشام فمات بها، واختلف هل كان واليا أو قاضيا، فجزم ابن عبد البر بالثاني والغساني بالأول. قوله: تأتي قوما من أهل الكتاب هذا كالتوطئة للوصية لتستجمع همته عليها، لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة، فلا يكون في مخاطبتهم كمخاطبته الجهال من عبدة الأوثان. قوله: فادعهم الخ، إنما وقعت البدأة بالشهادتين لأنهما أصل الدين الذي لا يصح بشئ غيرهما، فمن