عن معاذ بن جبل بنحو حديث سلمة وفيه: ثم أنزل الله: * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * (البقرة: 185) فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح، ورخص فيه للمريض والمسافر، وثبت الاطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام مختصر لأحمد وأبي داود. وعن عطاء:
سمع ابن عباس يقرأ: * (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) * (البقرة: 184) قال ابن عباس: ليست بمنسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا رواه البخاري. وعن عكرمة: أن ابن عباس قال: أثبتت للحبلى والمرضع رواه أبو داود.
حديث معاذ قد اختلف في إسناده اختلافا كثيرا. قوله: الآية التي بعدها هي الآية المذكورة في حديث معا الذي بعده. قوله: فنسختها قد روي عن ابن عمر كما روي عن سلمة من النسخ، ذكر ذلك البخاري عنه معلقا وموصولا. وقد أخرج أبو نعيم في المستخرج والبيهقي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة ولا عهد لهم بالصيام فكانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر حتى نزل رمضان فاستكثروا ذلك وشق عليهم فكان من يطعم مسكينا كل يوم ترك الصيام ممن يطيقه رخص لهم في ذلك ثم نسخه قوله تعالى: * (وأن تصوموا خير لكم) * (البقرة: 184) فأمروا بالصيام. وهذا الحديث أخرجه أيضا أبو داود من طريق شعبة والمسعودي عن الأعمش مطولا، وقد اختلف في إسناده اختلافا كثيرا، وإذا تقرر أن الافطار والاطعام كان رخصة ثم نسخ لزم أن يصير الصيام حتما واجبا، فكيف يصح الاستدلال على ذلك بقوله: * (وأن تصوموا خير لكم) * (البقرة: 184) والخيرية لا تدل على الوجوب لدلالة قوله: خير لكم على المشاركة في أصل الخير. وأجاب عن ذلك الكرماني جوابا متكلفا حاصله: أن المراد أن الصوم خير من التطوع بالفدية، والتطوع بها كان سنة والخير من السنة لا يكون واجبا، أي لا يكون شئ خيرا من السنة إلا الواجب، كذا قال، ولا يخفى بعده وتكلفه، فالأولى ما روي عن سلمة بن الأكوع وابن عمر أن الناسخ قوله تعالى: * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * (البقرة: 185) وإلى النسخ في حق غير الكبير ممن يطيق الصيام ذهب الجمهور قالوا: وحكم الاطعام باق في حق من لم يطق الصيام، وقال جماعة من السلف منهم مالك وأبو ثور وداود: أن جميع الاطعام منسوخ، وليس على الكبير إذا لم يطق الطعام، وقال قتادة: كانت الرخصة لكبير يقدر على الصوم ثم نسخ فيه وبقي فيمن لا يطيق، وقال ابن عباس: إنها محكمة لكنها مخصوصة بالشيخ الكبير كما وقع في الباب عنه. وقال زيد بن