إن لم يكن في القابض مانع يمنعه من استحقاق الاخذ. وقالت طائفة: الاخذ واجب من السلطان وغيره. وقال آخرون: هو مندوب في عطية السلطان دون غيره. وحديث خالد بن عدي يرده. قال الحافظ: ويؤيده حديث سمرة في السنن إلا أن يسأل ذا سلطان، قال: والتحقيق في المسألة أن من علم كون ماله حلالا فلا ترد عطيته، ومن علم كون ماله حراما فتحرم عطيته، ومن شك فيه فالاحتياط رده وهو الورع، ومن أباحه أخذ بالأصل انتهى. قال ابن المنذر: واحتج من رخص بأن الله تعالى قال في اليهود: * (سماعون للكذب أكالون للسحت) * (المائدة: 42) وقد رهن الشارع صلى الله عليه وآله وسلم درعه عند يهودي مع علمه بذلك. وكذا أخذ الجزية منهم مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخمر والخنزير والمعاملات الفاسدة. قال الحافظ: وفي حديث الباب أن للامام أن يعطي بعض رعيته إذا رأى لذلك وجها وإن كان غيره أحوج إليه منه، وأن رد عطية الامام ليس من الأدب، ولا سيما من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لقوله تعالى: * (وما آتاكم الرسول فخذوه) * (الحشر: 7). قوله: من هو أفقر إليه مني ظاهره أن عمر لم يكن غنيا، لأن صيغة أفعل تدل على الاشتراك في الأصل وهو الافتقار إلى المال، ولكن ظاهر أمره صلى الله عليه وآله وسلم له بالأخذ إذا لم يكن مستشرفا ولا سائلا أنه لا فرق بين كونه غنيا أو فقيرا، وهكذا في قبول المال من غير السلطان، لا فرق فيه بين الغني والفقير على ظاهر حديث خالد بن عدي، وسيكرر المصنف حديث خالد بن عدي هذا في كتاب الهبة، ونذكر بقية الكلام عليه هنالك إن شاء الله تعالى باب العاملين عليها عن بسر بن سعيد أن ابن السعدي المالكي قال: استعملني عمر على الصدقة فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي بعمالة فقلت: إنما عملت لله، فقال: خذ ما أعطيت فإني عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعملني فقلت مثل قولك فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل وتصدق متفق عليه.
قوله: أن ابن السعدي هو أبو محمد عبد الله بن وقدان بن عبد الله بن عبد شمس