لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى وهو متفق عليه، ولكن ليس فيه ما يشهد لحديث حذيفة، لأن أفضلية المساجد الثلاثة واختصاصها بشد الرحال إليها لا تستلزم اختصاصها بالاعتكاف.
وقد حكي في الفتح عن حذيفة أن الاعتكاف يختص بالمساجد الثلاثة ولم يذكر هذا الحديث، وحكي عن عطاء أنه يختص بمسجد مكة، وعن ابن المسيب بمسجد المدينة. وقوله: أو قال في مسجد جماعة قيل: فيه دليل لمذهب أبي حنيفة وأحمد المتقدم. قوله: بعض نسائه قال ابن الجوزي: ما عرفنا من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كانت مستحاضة قال: والظاهر أن عائشة أشارت بقولها من نسائه أي من النساء المتعلقات به وهي أم حبيبة بنت جحش أخت زينب، ولكنه يرد عليه ما وقع في البخاري في كتاب الاعتكاف بلفظ امرأة مستحاضة من أزواجه، ووقع في رواية سعيد بن منصور عن عكرمة أن أم سلمة كانت عاكفة وهي مستحاضة، وهذه الرواية تفيد تعيينها. وقد حكى ابن عبد البر أن بنات جحش الثلاث كن مستحاضات: زينب، وحمنة، وأم حبيبة، ويدل على ذلك ما وقع عند أبي داود عن عائشة أنها قالت: استحيضت زينب بنت جحش. وقد عد مغلطاي في المستحاضات سودة بنت زمعة، وقد روى ذلك أبو داود تعليقا، وذكر البيهقي أن ابن خزيمة أخرجه موصولا، فهذه ثلاث مستحاضات من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قوله:
من الدم أي لأجل الدم. (والحديث) يدل على جواز مكث المستحاضة في المسجد وصحة اعتكافها وصلاتها، وجواز حدثها في المسجد عند أمن التلويث، ويلحق بها دائم الحدث، ومن به جرح يسيل، وقد تقدم البحث عن ذلك.
باب الاجتهاد في العشر الأواخر، وفضل قيام ليلة القدر وما يدعى به فيها وأي ليلة هي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر متفق عليه. ولأحمد ومسلم: كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها.