والذي أمر به قد أخبر به أمته ووصاهم به وعينه لهم، فيحمل مطلق الثلاث على الثلاث المقيدة بالأيام المعينة، واختار النخعي وآخرون أنها آخر الشهر، واختار الحسن البصري وجماعة أنها من أوله، واختارت عائشة وآخرون صيام السبت والأحد والاثنين من عدة شهر، ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس من الشهر الذي بعده، للحديث المذكور في الباب عنها. وقال البيهقي: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي من أي الشهر صام كما في حديث عائشة، قال: فكل من رآه فعل نوعا ذكره وعائشة رأت جميع ذلك فأطلقت. وقال الروياني: صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب، فإن اتفقت أيام البيض كان أحب.
وفي حديث رفعه ابن عمر: أول اثنين في الشهر وخميسان بعده. وروي عن مالك أنه يكره تعيين الثلاث. قال في الفتح وفي كلام غير واحد من العلماء: أن استحباب صيام أيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر انتهى. وهذا هو الحق لأن حمل المطلق على المقيد ههنا متعذر، وكذلك استحباب السبت والأحد والاثنين من شهر، والثلاثاء والأربعاء والخميس من شهر غير استحباب ثلاثة أيام من كل شهر، وقد حكى الحافظ في الفتح في تعيين الثلاثة الأيام المطلقة عشرة أقوال وقد ذكرنا أكثرها، والحق أنها تبقى على إطلاقها فيكون الصائم مخيرا وفي أي وقت صامها فقد فعل المشروع لكن لا يفعلها في أيام البيض. (فالحاصل) من أحاديث الباب استحباب صيام تسعة أيام من كل شهر: ثلاثة مطلقة، وأيام البيض والسبت والأحد والاثنين في شهر والثلاثاء والأربعاء والخميس في شهر. قوله: فذلك صيام الدهر وذلك لأن الحسنة بعشرة أمثالها، فيعدل صيام الثلاثة الأيام من كل شهر صيام الشهر كله فيكون كمن صام الدهر.
باب صيام يوم وفطر يوم وكراهة صوم الدهر عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: صم في كل شهر ثلاثة أيام، قلت: إني أقوى من ذلك، فلم يزل يرفعني حتى قال: صم يوما وأفطر يوما فإنه أفضل الصيام وهو صوم أخي داود عليه السلام. وعن عبد الله بن عمرو