فإذا وجب فلا تبكين باكية أخرجه مالك والشافعي وأحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم، والمراد بالوجوب دخول القبر كما وقع في رواية لأحمد، ولان وقت الموت حال الصدمة الأولى كما سيأتي والتعزية تسلية، فينبغي أن يكون وقت الصدمة التي يشرع الصبر عندها. قوله: فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب فيه دليل على أن استرجاع المصاب عند ذكر المصيبة يكون سببا لاستحقاقه لمثل الاجر الذي كتبه الله له في الوقت الذي أصيب فيه بتلك المصيبة، وإن تقادم عهدها ومضت عليها أيام طويلة، والاسترجاع هو قول القائل: * (إنا لله وإنا إليه راجعون) *.
وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى رواه الجماعة. وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجاءت التعزية سمعوا قائلا يقول: إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإن المصاب من حرم الثواب رواه الشافعي. وعن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: * (إنا لله وإنا إليه راجعون) *، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها، إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها، قالت: فلما توفي أبو سلمة قالت: من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قالت: ثم عزم الله لي فقلتها: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، قالت: فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رواه أحمد ومسلم وابن ماجة.
حديث جعفر بن محمد في إسناده القاسم بن عبد الله بن عمر وهو متروك، وقد كذبه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وقال أحمد أيضا: كان يضع الحديث، ورواه الحاكم عن أنس في مستدركه وصححه وفي إسناده عباد بن عبد الصمد وهو ضعيف جدا، وزاد فقال: أبو بكر وعمر هذا الخضر. قوله: إنما الصبر عند الصدمة الأولى في رواية للبخاري: عند أول صدمة ونحوها لمسلم. والمعنى: إذا وقع الثبات أول شئ يهجم على القلب من مقتضيات الجزع، فذلك هو الصبر الكامل الذي يترتب عليه الاجر، وأصل الصدم ضرب الشئ الصلب بمثله، فاستعير للمصيبة الواردة على القلب.
وقال الخطابي: المعنى أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة، بخلاف