ثم سجد، ثم انصرف، وقد تجلت الشمس فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله متفق على هذه الأحاديث.
قوله: لما كسفت الشمس الكسوف لغة التغير إلى سواد، ومنه كسف في وجهه، وكسفت الشمس اسودت وذهب شعاعها. قال في الفتح: والمشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر، واختاره ثعلب، وذكر الجوهري أنه أفصح، وقيل: يتعين ذلك. وحكى عياض عن بعضهم عكسه وغلطه لثبوته بالخاء في القمر في القرآن. وقيل: يقال بهما في كل منهما وبه جاءت الأحاديث. قال الحافظ: ولا شك أن مدلول الكسوف لغة غير مدلول الخسوف، لأن الكسوف التغير إلى سواد والخسوف النقصان أو الذل، قال: ولا يلزم من ذلك أنهما مترادفان. وقيل: بالكاف في الابتداء والخاء في الانتهاء. وقيل: بالكاف لذهاب جميع الضوء وبالخاء لبعضه.
وقيل: بالخاء لذهاب كل اللون وبالكاف لتغييره انتهى. وقد روي عن عروة أنه قال: لا تقولوا كسفت الشمس ولكن قولوا خسفت، قال في الفتح: وهذا موقوف صحيح رواه سعيد بن منصور عنه. وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عنه، لكن الأحاديث الصحيحة المذكورة في الباب وغيرها ترد ذلك. قوله: ركعتين في سجدة المراد بالسجدة هنا الركعة بتمامها، وبالركعتين الركوعان، وهو موافق لروايتي عائشة وابن عباس. قوله: قالت عائشة الراوي لذلك عنها هو أبو سلمة، ويحتمل أن يكون عبد الله بن عمرو، فيكون من رواية صحابي عن صحابية. قال في الفتح: ووهم من زعم أنه معلق، فقد أخرجه مسلم وابن خزيمة وغيرهما من رواية أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو، وفيه قول عائشة هذا. قوله: ما ركعت الخ، ذكر الركوع لمسلم والبخاري اقتصر على ذكر السجود، وقد ثبت طول الركوع والسجود في الكسوف في أحاديث كثيرة. منها: المذكورة في الباب. ومنها: عن عبد الله بن عمرو من وجه آخر عند النسائي. وعن أبي هريرة عنده. وعن أبي موسى عند الشيخين. وعن سمرة عند أبي داود والنسائي. وعن جابر وعن أسماء وسيأتيان، وإلى مشروعية التطويل في الركوع والسجود في صلاة الكسوف كما يطول القيام ذهب أحمد وإسحاق والشافعي في أحد قوليه، وبه جزم أهل العلم بالحديث من أصحابه واختاره ابن سريج.