المالكية عن الحديث بأنه خبر واحد مخالف للقاعدة وهو اعتذار باطل. (والحديث) قاعدة مستقلة في الصيام، ولو فتح باب رد الأحاديث الصحيحة بمثل هذا لما بقي من الحديث إلا القليل ولرد من شاء ما شاء. وأجاب بعضهم أيضا بحمل الحديث على التطوع، حكاه ابن التين عن ابن شعبان، وكذا قاله ابن القصار واعتذر بأنه لم يقع في الحديث تعيين رمضان، وهو حمل غير صحيح واعتذار فاسد، يرده ما وقع في حديث الباب من التصريح بالقضاء، ومن الغرائب تمسك بعض المتأخرين في فساد الصوم ووجوب القضاء بما وقع في حديث المجامع بلفظ: واقض يوما مكانه قال: ولم يسأله هل جامع عامدا أو ناسيا، وهذا يرده ما وقع في أول الحديث، فإنه عند سعيد ابن منصور بلفظ: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تب إلى الله واستغفره وتصدق واقض يوما مكانه والتوبة والاستغفار إنما يكونان عن العمد لا عن الخطأ، وأيضا بعد تسليم تنزيل ترك الاستفصال منزلة العموم يكون حديث الباب مخصصا له، فلم يبق ما يوجب تر ك العمل بالحديث. وأما اعتذار ابن دقيق العيد عن الحديث بأن الصوم قد فات ركنه وهو من باب المأمورات والقاعدة أن النسيان لا يؤثر في المأمورات، فيجاب عنه بأن غاية هذه القاعدة المدعاة أن تكون بمنزلة الدليل، فيكون حديث الباب مخصصا لها. قوله: فإنما الله أطعمه وسقاه هو كناية عن عدم الاثم، لأن الفعل إذا كامن الله كان الاثم منتفيا. قوله: من أفطر يوما من رمضان ظاهره يشمل المجامع وقد اختلف فيه، فبعضهم لم ينظر إلى هذا العموم وقال: إنه ملحق بمن أكل أو شرب، وبعضهم منع من الالحاق لقصور حالة المجامع عن حالة الآكل والشارب. وفرق بعضهم بين الأكل والشرب القليل والكثير، وظاهر الحديث عدم الفرق. ويؤيد ذلك ما أخرجه أحمد عن أم إسحاق أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأتي بقصعة من ثريد فأكلت معه ثم تذكرت أنها صائمة فقال لها ذو اليدين الآن بعد ما شبعت، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك.
(٢٨٤)