أحدهما أولى من الآخر فحمل عليهما معا، لكن الذي يظهر أن حمله على المالك أظهر. واستدل به على أن من كان عنده دون النصاب من الفضة ودون النصاب من الذهب مثلا أنه لا يجب ضم بعضه إلى بعض حتى يصير نصابا كاملا، فيجب عليه فيه الزكاة، خلافا لمن قال بالضم كالمالكية والهادوية والحنفية. واستدل به أحمد على أن من كان له ماشية ببلد لا تبلغ النصاب، وله ببلد آخر ما يوفيه منها أنها لا تضم، قال ابن المنذر: وخالفه الجمهور فقالوا: تجمع على صاحب المال أمواله ولو كانت في بلدان شتى ويخرج منها الزكاة واستدل به أيضا على إبطال الحيلة والعمل على المقاصد المدلول عليها بالقرائن. قوله: وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية قال في الفتح: اختلف في المراد بالخليطين، فعند أبي حنيفة أنهما الشريكان قال: ولا يجب على أحد منهما فيما يملك إلا مثل الذي كان يجب عليهما لو لم يكن خلط، وتعقبه ابن جرير بأنه لو كان تفريقهما مثل جمعهما في الحكم لبطلت فائدة الحديث، وإنما نهى عن أمر لو فعله كان فيه فائدة، ولو كان كما قال لم يكن لتراجع الخليطين بينهما بالسوية معنى. ومثل تفسير أبي حنيفة روى البخاري عن سفيان وبه قال مالك، وقال الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث: إذا بلغت ماشيتهما النصاب زكيا، والخلط عندهم أن يجتمعا في المسرح والمبيت والحوض والفحل والشركة أخص منهما. ومثل ذلك روى سفيان في جامعه عن عمر والمصير إلى هذا التفسير متعين. ومما يدل على أن الخليط لا يستلزم أن يكون شريكا قوله تعالى: * (وإن كثيرا من الخلطاء) * (ص: 24) وقد بينه قبل ذلك بقوله: * (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة) * (ص: 23) واعتذر بعضهم عن الحنفية بأن الحديث لم يبلغهم، أو أرادوا أن الأصل ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وحكم الخليط يخالفه، ويرد بأن ذلك مع الانفراد وعدم الخلطة، لا إذا انضم ما دون الخمس إلى عدد الخليط يكون به الجميع نصابا، فإنه يجب تزكية الجميع لهذا الحديث وما ورد في معناه ولا بد من الجمع بهذا. ومعنى التراجع كما قال الخطابي أن يكون بينهما أربعون شاة مثلا لكل واحد منهما عشرون قد عرف كل منهما عين ماله، فيأخذ المصدق من أحدهما شاة، فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بقيمة نصف شاة وهي تسمى خلطة الجوار. قوله: وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة لفظ شاة الأول منصوب على أنه مميز عدد أربعين، ولفظ شاة الثاني منصوب أيضا على أنه مميز نسبة ناقصة إلى السائمة. قوله: وفي الرقة بكسر الراء وتخفيف
(١٨٨)