المراد أنه يجب بعد مجاوزة المائة والعشرين بواحدة في كل أربعين بنت لبون، فيكون الواجب في مائة إحدى وعشرين ثلاث بنات لبون، وإلى هذا ذهب الجمهور، ولا اعتبار بالمجاوزة بدون واحدة، كنصف أو ثلث أو ربع، خلافا للإصطخري فقال: يجب ثلاث بنات لبون بزيادة بعض واحدة، ويرد عليه ما عند الدارقطني في آخر هذا الحديث، وما في كتاب عمر الآتي بلفظ: فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة. ومثله في كتاب عمرو بن حزم، وإلى ما قاله الجمهور ذهب الناصر والهادي في الاحكام، حكى ذلك عنهما المهدي في البحر، وحكي في البحر أيضا عن علي وابن مسعود والنخعي وحماد والهادي وأبي طالب والمؤيد بالله وأبي العباس أن الفريضة تستأنف بعد المائة والعشرين فيجب في الخمس شاة ثم كذلك، واحتج لهم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: وما زاد على ذلك استؤنفت الفريضة، وهذا إن صح كان محمولا على الاستئناف المذكور في الحديث، أعني إيجاب بنت اللبون في كل أربعين والحقة في كل خمسين جمعا بين الأحاديث. (لا يقال) إنه يرجح حديث الاستئناف بمعنى الرجوع إلى إيجاب شاة في كل خمس إلى خمس وعشرين على حسب التفصيل المتقدم بأنه متضمن للايجاب، يعني إيجاب شاة مثلا في الخمس الزائدة على مائة وعشرين، وحديث الباب وما في معناه متضمن للاسقاط. لأنا نقول: هو وهم ناشئ من قوله:
وإذا زادت ففي كل أربعين فظن أن معناه في كل أربعين من الزياد فقط وليس كذلك، بل معناه في كل أربعين من الزيادة والمزيد. وحكي في الفتح عن أبي حنيفة مثل قول علي وابن مسعود ومن معهما، وقيده في البحر بأنه يقول بذلك إلى مائة وخمس وأربعين، ثم له فيما زاد روايتان كالمذهب الأول وكالمذهب الثاني. قوله: ويجعل معها شاتين الخ، فيه دليل على أنه يجب على المصدق قبول ما هو أدون، ويأخذ التفاوت من جنس غير جنس الواجب وكذا العكس، وذهبت الهادوية إلى أن الواجب إنما هو زيادة فضل القيمة من المصدق أو رب المال، ويرجع في ذلك إلى التقويم، لكن أجاب الجمهور عن ذلك بأنه لو كان كذلك لم ينظر إلى ما بين السنين في القيمة، وكان العرض يزيد تارة وينقص أخرى لاختلاف ذلك في الأمكنة، فلما قدر الشارع التفاوت بمقدار معين لا يزيد ولا ينقص، كان ذلك هو الواجب في الأصل في مثل ذلك، ولولا تقدير الشارع بذلك لتعينت بنت المخاض مثلا، ولم يجز أن تبدل ابن لبون مع التفاوت. وذهب أبو حنيفة إلى أنه يرجع إلى القيمة فقط عند التعذر،