الكتاب لما وجهه إلى البحرين: هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها ورسوله. قوله: التي فرض رسول الله معنى فرض هنا أوجب أو شرع يعني بأمر الله تعالى. وقيل معناه قدر لأن إيجابها ثابت بالكتاب، فيكون المعنى: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين ذلك. قال في الفتح:
وقد يرد الفرض بمعنى البيان كقوله تعالى: * (قد فرض الله لكم تحلة إيمانكم) * (التحريم: 2) وبمعنى الانزال كقوله: * (إن الذي فرض عليك القرآن) * (القصص: 85) وبمعنى الحل كقوله: * (ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له) * (الأحزاب: 38) وكل ذلك لا يخرج عن معنى التقدير. ووقع استعمال الفرض بمعنى اللزوم حتى يكاد يغلب عليه وهو لا يخرج عن معنى التقدير. وقد قال الراغب: كل شئ ورد في القرآن فرض على فلان فهو بمعنى الالزام، وكل شئ ورد فرض له فهو بمعنى لم يحرم عليه، وذكر أن معنى قوله تعالى: * (إن الذي فرض عليك القرآن) * (القصص: 85) أي أوجب عليك العمل به، وهذا يؤيد قول الجمهور: إن الفرض مرادف للوجوب، وتفريق الحنفية بين الفرض والواجب باعتبار ما يثبتان به لا مشاحة فيه، وإنما النزاع في حمل ما ورد من الأحاديث الصحيحة على ذلك، لأن اللفظ السابق لا يحمل على الاصطلاح الحادث انتهى. قوله: ورسوله في نسخة رسوله بدون واو وهو الصواب كما في البخاري وغيره. قوله: ومن سئل فوق ذلك فلا يعطه أي من سئل زائدا على ذلك في سن أو عدد فله المنع. ونقل الرافعي الاتفاق على ترجيحه. وقيل معناه فليمنع الساعي وليتول إخراجه بنفسه أو يدفعها إلى ساع آخر، فإن الساعي الذي طلب الزكاة يكون بذلك متعديا، وشرطه أن يكون أمينا. قال الحافظ: لكن محل هذا إذا طلب الزيادة بغير تأويل انتهى، ولعله يشير بهذا إلى الجمع بين هذا الحديث وحديث:
أرضوا مصدقيكم عند مسلم والنسائي من حديث جرير، وحديث: سيأتيكم ركب مبغضون فإذا أتوكم فرحبوا بهم وخلوا بينهم وبين ما يبغون، فإن عدلوا فلأنفسهم، وإن ظلموا فعليها وأرضوهم فإن تمام زكاتكم رضاهم أخرجه أبو داود من حديث جابر بن عتيك. وفي لفظ للطبراني من حديث سعد بن أبي وقاص: ادفعوا إليهم ما صلوا الخمس، فتكون هذه الأحاديث محمولة على أن للعامل تأويلا في طلب الزائد على الواجب. قوله: الغنم هو مبتدأ وما قبله خبره، وهو يدل على أن إخراج الغنم فيما دون خمس وعشرين من الإبل متعين، وإليه ذهب مالك وأحمد، فلا يجزئ عندهما إخراج بعير عن أربع وعشرين. قال