كتاب الجنايات (وهي جمع جناية وهي) لغة التعدي على بدن أو مال. وشرعا (التعدي على الأبدان بما يوجب قصاصا أو غيره)، أي مالا أو كفارة، وسموا الجناية على الأموال غصبا ونهبا وسرقة وخيانة وإتلافا. (قتل الآدمي بغير حق) بأن لا يكون مرتدا، أو زانيا محصنا، أو قاتلا لمكافئه، أو حربيا (ذنب كبير وفاعله فاسق)، لقوله تعالى: * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) * الآية، وقوله (ص): لا يحل دم امرئ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة متفق عليه. (وأمره) أي القاتل (إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له) لقوله تعالى: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * (وتوبته مقبولة) لعموم الأدلة، وقاله أكثر أهل العلم، وخالف ابن عباس لقوله تعالى: * (ومن يقتل مؤمنا) * الآية، وهي من آخر ما نزل لم ينسخهما شئ. وحجة الأكثر أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فهو تحت المشيئة، والآية الأولى محمولة على من قتله مستحلا ولم يتب، أو على أن هذا جزاؤه إن جازاه وله العفو إن شاء لا يقال لفظ الآية لفظ الخبر، والاخبار لا يدخلها النسخ. لأنا نقول: يدخلها التخصيص والتأويل.
(ولا يسقط حق المقتول في الآخرة بمجرد التوبة) كسائر حقوقه. (قال الشيخ: فعلى هذا يأخذ المقتول من حسنات القاتل بقدر مظلمته) بكسر اللام وفتحها. (فإن اقتص) للمقتول (من القاتل أو عفا عنه) أي عفى وليه عن القصاص، (فهل يطالبه المقتول في الآخرة؟ على وجهين)