مخافة الفتنة. وقال ابن عباس لسعيد بن جبير: تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء.
قال أحمد في رواية المروزي: ليست العزوبة من أمر الاسلام في شئ. ومن دعاك إلى غير التزوج فقد دعاك إلى غير الاسلام. ولو تزوج بشر كان قد تم أمره. ولان مصالح النكاح أكثر من مصالح التخلي لنوافل العبادة، لاشتماله على تحصين فرج نفسه وزوجته ، وحفظها والقيام بها، وإيجاد النسل وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي (ص)، وغير ذلك من المصالح الراجح أحدها على نفل العبادة. القسم الثاني: ذكره بقوله: (ويباح) النكاح (لمن لا شهوة له) كالعنين والمريض والكبير. لأن العلة التي لها يجب النكاح أو يستحب - وهو خوف الزنا أو وجود الشهود - مفقودة فيه. ولان المقصود من النكاح الولد، وهو فيمن لا شهوة له غير موجود، فلا ينصرف إليه الخطاب به، إلا أن يكون مباحا في حقه كسائر المباحات، لعدم منع الشرع منه وتخليه إذن لنوافل العبادة أفضل لمنع من يتزوجها من التحصين بغيره، ويضرها بحبسها على نفسه، ويعرض نفسه لواجبات وحقوق لعله لا يقوم بها، ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه. القسم الثالث: ما أشير إليه بقوله:
(ويجب على من يخاف الزنا) بترك النكاح (من رجل وامرأة)، سواء كان خوفه ذلك (علما أو ظنا) لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام وطريقه النكاح. (ويقدم حينئذ) وجب (على حج واجب نصا) لخشية الوقوع في المحظور بتأخيره بخلاف الحج. قال أبو العباس: وإن كانت العبادات فرض كفاية كالعلم والجهاد، قدمت على النكاح إذا لم يخش العنت. قال في الاختيارات: وما قاله أبو العباس ظاهر إن قلنا إن النكاح سنة، فإن قلنا إنه لا يقع إلا فرض كفاية، كما قال أبو يعلى الصغير، وابن المثنى في تعليقهما، فقد تعارض فرضا كفاية ففيه نظر. وإن قلنا: إن النكاح واجب قدمه. لأن فروض الأعيان مقدمة على فروض الكفايات. (ولا يكتفي في) الخروج من عهدة (الوجوب بمرة واحدة، بل يكون) التزويج (في مجموع العمر) لتندفع خشية الوقوع في المحظور. (ولا يكتفي) في الامتثال (بالعقد فقط، بل يجب الاستمتاع) لأن خشية المحظور لا تندفع إلا به. (ويجزئ تسر عنه) لقوله تعالى: * (فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) *. (ومن أمره به والداه أو) أمره به (أحدهما. قال أحمد: أمرته أن يتزوج) لوجوب بر والديه. قال في الفروع:
والذي يحلف بالطلاق لا يتزوج أبدا إن أمره به أبوه تزوج. (قال الشيخ: وليس لهما) أي لأبويه (إلزامه بنكاح من لا يريد) نكاحها لعدم حصول الغرض بها، (فلا يكون عاقا) بمخالفتهما في ذلك، (كأكل ما لا يريد) أكله. (ويجب) النكاح (بالنذر) من ذي الشهوة.