ووقوع الريب ممن يعلم بذلك ويطلع عليه، فلا بد إذا من أن يكون ما علقنا نحن الشرط به وجعلنا الريبة واقعة فيه مرادا، وإذا ثبت ذلك لم يجز أن يعلق الشرط بشئ آخر مما ذكروه أو غيره، لأن الكلام يستقل بتعلق الشرط بما ذكرنا أنه لا خلاف فيه ولا حاجة به بعد الاستقلال إلى أمر آخر، أ لا ترى أنه لو استقل بنفسه لما جاز اشتراطه.
فكذلك إذا استقل مشروطا بشئ لا خلاف فيه فلا يجب تجاوزه ولا تخطيه إلى غيره.
مسألة:
ومما يظن أن الإمامية مجمعة عليه ومنفردة به القول: بأن عدة الحامل المطلقة أقرب الأجلين، وتفسير ذلك أن المطلقة إذا كانت حاملا ووضعت قبل مضى الأقراء الثلاثة فقد بانت بذلك وإن مضت الأقراء الثلاثة قبل أن تضع حملها بانت بذلك أيضا.
وقد بينا في جواب المسائل الواردة من أهل الموصل الفقهية أنه ما ذهب جميع أصحابنا إلى هذا المذهب ولا أجمع العلماء منا عليه، وأكثر أصحابنا يفتي بخلافه، ويذهب إلى أن عدة من ذكرنا حاله وضعها الحمل، وإن من ذهب إلى خلاف ما نصرناه إنما عول على خبر يرويه زرارة عن أبي جعفر ع وقد بينا أنه ليس بحجة توجب العلم، وسلمناه مع ذلك وتأولناه واستوفينا هناك من الكلام ما لا طائل في إعادته هاهنا وفي الجملة فإذا كانت هذه المسألة مما لا يجمع أصحابنا عليها ويختلفون فيها فهي خارجة عما بنينا هذا الكتاب عليه.
فإن قيل: فما حجتكم على كل حال على أن عدة المطلقة إذا كانت حاملا هي وضعها للحمل دون الأقراء؟ فإن احتججتم بقوله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن، عورضتم بعموم قوله تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء؟
الجواب عن ذلك أنه لا خلاف بين العلماء في أن آية وضع الحمل عامة في المطلقة وغيرها وأنها ناسخة لما تقدمها مما يكشف عن ذلك أن قوله تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن، إنما هو في غير الحوامل، فإن من