فإن كانت ممن تحيض فعدتها إن كانت حرة ثلاثة قروء بلا خلاف، وإن كانت أمة فعدتها قرءان بلا خلاف عندنا وعند باقي الفقهاء إلا من داود، فإن عتقت في العدة وكانت العدة رجعية تممتها عدة الحرة وإن كانت العدة بائنة فلا يجب عليها تمام العدة للحرة بل يجب عليها الخروج مما أخذت فيه من عدة الأمة. والقرء بفتح القاف عندنا هو الطهر بين الحيضتين.
فإن كانت لا تحيض ومثلها تحيض فعدتها إن كانت حرة ثلاثة أشهر بلا خلاف، وإن كانت أمة فخمسة وأربعون يوما، وإن كانت لا تحيض لصغر لم تبلغ تسع سنين أو لكبر بلغ خمسين سنة مع تغير عادتها وهما اللتان ليس في سنهما من تحيض:
فقد اختلف أصحابنا في وجوب العدة عليها فمنهم من قال: لا يجب، ومنهم من قال: يجب أن تعتد بالشهور، وهي ثلاثة أشهر وهو اختيار السيد المرتضى وبه قال جميع المخالفين، ويحتج لصحة ما ذهب إليه بأن قال: طريقة الاحتياط تقتضي ذلك وأيضا قوله تعالى:
واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن، وهذا نص وقوله تعالى: إن ارتبتم، معناه على ما ذكرناه جمهور المفسرين: إن كنتم مرتابين في عدة هؤلاء النساء أو غير عالمين بمقدارها، فقد روي أن أبي بن كعب قال: يا رسول الله إن عددا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب الصغار والكبار وأولات الأحمال، فأنزل الله تعالى: واللائي يئسن من المحيض، إلى قوله: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن، ولا يجوز أن يكون الارتياب بأنها آيسة من المحيض أو غير آيسة لأنه تعالى قطع في من تضمنته الآية باليأس من المحيض بقوله: واللائي يئسن، والمرتاب في أمرها لا تكون آيسة. وإذا كان المرجع في حصول حيض المرأة وارتفاعه إلى قولها كانت مصدقة فيما تخبر به من ذلك وأخبرت بأحد الأمرين لم يبق للارتياب في ذلك معنى، وكان يجب لو كانت الريبة راجعة إلى ذلك أن يقول: إن ارتبن، لأن الحكم في ذلك يرجع إلى النساء ويتعلق بهن.
ولا يجوز أن يكون الارتياب بمن تحيض أو لا تحيض ممن هو في سنها لأنه لا ريب في ذلك من حيث كان المرجع فيه إلى العادة، على أنه لا بد فيما علقنا به الشرط وجعلنا الريبة واقعة فيه من مقدار عدة من تضمنته الآية من أن يكون مرادا من حيث لم يكن معلوما لنا قبل