لن تضلوا، فقرن ع العترة إلى الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وجعل حكمها حكمه. وقال ع: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من أتاها نجا ومن تخلف عنها هلك، مطابقا لقول الله سبحانه: فأنجيناه وأصحاب السفينة، وقد دلوا على أن المشروع في الطلاق إيقاعه متفرقا وقد وافقهم مالك وأبو حنيفة على أن الطلاق الثلاث في الحال الواحدة محرم مخالف للسنة، إلا أنهما يذهبان مع ذلك إلى وقوعه وفي هذا القول ما فيه.
والذي يدل على صحة ما ذهبت الشيعة إليه قوله تعالى: الطلاق مرتان، ومن المعلوم أنه تعالى لم يرد بذلك الخبر لأنه لو أراده لكان كذبا وإنما أراد الأمر فكأنه قال تعالى: طلقوا مرتين وجرى مجرى قوله تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، وكقوله تعالى: ومن دخله كان آمنا، والمراد بذلك يجب أن يؤمنوه والمرتان لا تكونان إلا واحدة بعد أخرى ومن جمع الطلاق في كلمة واحدة لا يكون مطلقا مرتين كما أن من أعطى درهمين مرة واحدة لم يعطهما مرتين.
فإن احتج من يذهب إلى أن الطلاق الثلاث يقع وإن كان بدعة بما روي في حديث ابن عمر من أنه قال للنبي ع: أ رأيت لو طلقتها ثلاثا. فقال ع: إذن عصيت ربك وبانت منك امرأتك. فالذي يبطل ذلك أنه لا تصريح في قوله: أ رأيت لو طلقتها ثلاثا. فإني كنت أفعل ذلك بكلمة واحدة وحالة واحدة، ويجوز أن يكون مراده إني لو طلقتها ثلاثا في ثلاثة أطهار تخللها المراجعة، ولا شبهة في أن من طلق امرأته ثلاثا في ثلاثة أطهار أنه يسمى مطلقا ثلاثا.
فإن قيل: لا فائدة على هذا الوجه في قوله ع: إذن عصيت ربك وبانت منك امرأتك.
قلنا: يحتمل ذكر المعصية أمرين أحدهما أن يكون النبي ع كان يعلم من زوجة ابن عمر خيرا وبرا يقتضيان المعصية بفراقهما، والأمر الآخر أنه مكروه للزوج أن يخرج نفسه من التمكين من مراجعة المرأة لأنه لا يدري كيف يتقلب قلبه فربما دعته الدواعي القوية إلى مراجعتها، فإذا أخرج أمرها من يده ربما هم بالمعصية.
فإن احتجوا أيضا بما رووه من أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق طلق امرأته تماضر - بضم التاء وكسر الضاد - ثلاثا، قلنا: يجوز أن يكون طلقها في أطهار ثلاثة مع مراجعة تخللت