ويمكن أن يقال إن السؤال الثاني إنما كان من جهة حكم دخول مكة بعد الخروج عنها سواء كان ساكنا ومجاورا أو متمتعا والرجوع إليها قبل مضي شهر من الخروج، فأجاب عليه السلام بأن أباه كان مجاورا وخرج ولما رجع وبلغ ذات عرق أحرم بالحج ودخل وهو محرم به وعلى هذا يكون المراد من الحج العمرة.
ويمكن أيضا إن أباه عليه السلام كان متمتعا وخرج من مكة ولما رجع إليها أحرم بالحج خارج مكة، وعلى هذا يكون المقام مستثنى عن وجوب الاحرام بالحج من بطن مكة تعبدا، وإن كان عليه التجديد بمكة كما نقل عن الدروس أو يستحب على ما نقل عن التذكرة لو خرج من مكة بغير احرام وعاد في الشهر الذي خرج فيه استصعب له أن يدخلها محرما بالحج، ولكنه خلاف الظاهر من الرواية.
ويحتمل أيضا أن يكون المراد من الحج العمرة والرجوع إلى مكة في الشهر الذي تمتع والاحرام في مثل المورد وإن لم يكن واجبا عليه لدخوله في شهر التمتع إلا أنه جائز ومستحب فاحرامه كان مستحبا.
لكن هذا المعنى أيضا لا يناسب صدر الرواية وذيلها، أما الصدر فلما صرح فيه بعدم الاحرام إذا دخل في شهر التمتع وبلزوم الاحرام إذا كان في غيره كما هو الظاهر من المنطوق والمستفاد من المفهوم، وأما الذيل فإن الراوي إنما سأل عن حكم من دخل في شهر الخروج فلو كان غير شهر التمتع وإن كان الاحرام حينئذ واجبا، إلا أن حمل الحج على العمرة مشكل لا دليل عليه نعم لو قلنا إن السؤال في الذيل وملاكه كان دخول الحرم فقط للقاطن والمجاور، فأجاب عليه السلام بوجوب الاحرام وإن أباه كان مجاورا ولما رجع دخل باحرام، إلا أن يرجع في شهر التمتع كما هو مقتضى المفهوم ولكن الاحرام كان لحج الافراد.
هذا غاية ما يمكن في توجيه الرواية وما يمكن أن يقال فيها ويأتي التفصيل