وأورد عليه بأن استعمال الريحان الذي نبت في الحرم إذا كان جائزا فيجوز غيره بالأولوية لشدة حرمة الحرم وكرامة نباته.
ويدفع بأن الحكمة في ذلك يمكن أن تكون كثرة الابتلاء وعسرة التحرز عما ينبت في الحرم بخلاف ما ليس كذلك فلا يصح دعوى الأولوية.
ومنها رواية علي بن مهزيار قال سألت ابن أبي عمير عن التفاح والأترج والنبق وما طاب ريحه قال تمسك عن شمه وتأكله. (1) ويظهر من الرواية إن أكل التفاح والأترج لا مانع منه إذا أمسك عن شمه فإن قلنا إن استعمال الطيب عبارة عن التطيب والتعطر منه فلا يعد الأكل استعمالا له سيما إذا لم يبق أثر من الطيب بعد الأكل ولا يكون داخلا في العموم.
وأما إذا قلنا إن استعمال الطيب والريحان أعم من الأكل والتطيب به ويشمله العموم، فيخصص الأكل بهذه الرواية ويخرج عنه وأما قوله عليه السلام وما طاب ريحه فإن كان المراد منه أن كل شئ مما طاب ريحه من المأكول وغيره لا بأس به أكلا وغيره من سائر الاستعمالات فيكون مخصصا للعموم الدال على حرمة استعمال الرياحين نعم لو قلنا إن المراد مما طاب ريحه، ما يؤكل منه بقرينة التفاح والأترج المذكوران في الرواية يقع التخصيص على الأكل فقط ولا يصح حمله على الأعم لاشتمال الرواية على القرينة الصالحة للمنع عن الاطلاق وصرفه إلى ما يؤكل منه.
والحاصل أن العمومات الناهية عن استعمال الرياحين ظاهرة في الحرمة بل صريحة فيها، فهل يمكن تخصيصها بما ذكر من الروايات أو حملها على الكراهة، مع احتمال اختصاصها بما يؤكل، واشتمال المخصص بما يصلح للقرينية وصرفه عن غيره من الاستعمالات، الظاهر أن الالتزام بذلك مشكل، إذ لا يوجد ما يدل صريحا على الكراهة، سوى كلمة أشباهه المعطوف على الإذخر المحتمل أن يكون وجه الشبه كون ما له صنفان من الرياحين التي يؤكل قسم منه دون قسم آخر إذ لا يشمل