وجهها كله عند النوم (1) وهذه الأخبار كما ترى صريحة في جواز تغطية الوجه للمحرم عند النوم وغيره فلا بد من حمل الأخبار الدالة على عدم جواز التغطية كصحيحة معاوية بن عمار وهشام بن الحكيم والحلبي المتقدمة في صدر المسألة على الكراهة لا الحرمة كما اختاره ابن أبي عقيل، فإن استعمال الكراهة في الحرمة وإن كان كثيرا، بمعنى أن الكراهة قد يكون في مقابل الجواز والإباحة إلا أن استعمالها في قبال المستحب أيضا ليس بحيث لا يمكن حملها على التنزيه سيما بعد دلالة الأخبار على الجواز.
مضافا إلى ما في صحيحة الحلبي من نقل غطى رأسه، بدل غطى وجهه، وإن كان الموجود في التهذيب هو الثاني، وإلى أن ثبوت الكفارة لا يلازم الحرمة، إذ لا تنافي بين ثبوتها في مورد وعدم الحرمة، لامكان ترتب الكفارة على المكروهات والتنزيهيات، لرفع الخصاصة والنقيصة غير الملزمة للترك، إذ المستفاد من النصوص إن الله تعالى يحب أن يرى الحاج أشعث وأغبر وضاحيا وإن اشراق الشمس عليه محبوب عند الله، فمن ستر وجهه ومنع عن اشراق الشمس عليه، فقد منع عن تلك الفضيلة والمحبوبية ولأجل ذلك جعل عليه الكفارة وليس هذا من جهة التظليل إذ لا يصدق التظليل على من نام مقابل الشمس مع اللباس وستر الوجه بل إنما هو للمنع عن اشراق الشمس للوجه والاضحاء، فالجمع بين الطائفتين من النصوص أن التغطية المحرمة على المحرم هو الرأس وأما الوجه فستره ليس بحرام بل هو مكروه، ولا وجه لحمل الكراهة على الحرمة بعد دلالة الصحاح الثلاثة المتقدمة على الجواز، ولذا يحمل الكفارة على الاستحباب.
وأما ما ورد في النصوص من جواز الستر عند النوم أو من الذباب، فإنما وقع السؤال عنه من جهة الابتلاء به والحاجة إليه، إذ لا حاجة لستر الوجه في غير حال النوم، فالفرق بين الرأس والوجه في التغطية عند النوم، للفرق بينهما في الحكم، لا لأجل النوم، كما أن ذكر الذباب ومنعه بستر الوجه أيضا لبيان الحاجة