ما إذا ضاق وقت الاحرام ووجب عليه فحينئذ يحرم عليه الادهان بالطيب الذي يبقى أثره وتبعه صاحب الجواهر وقال كما هو واضح.
فهل المقصود من حرمة الادهان قبل الاحرام إذا بقي ريحه، إن الادهان بما يبقى أثره إلى حال الاحرام، حرام تكليفا، وتعلق النهي به مستقلا، فهذا لا فرق فيه بين أن يكون الاحرام واجبا مضيقا وقته أم لا، فإنه بعد الادهان إما يصبر حتى يزول الأثر، أو يزيله، فلو ادهن فعل حراما وإن كانت الحكمة فيه بقاء الأثر ولو أزاله يكون بمنزلة التوبة فعلى هذا الادهان حرام مستقلا وإزالة الأثر الباقي واجب عليه.
وأما لو كان المقصود إن الادهان قبل الاحرام بما يبقى ريحه ليس حراما مستقلا نفسيا ذاتيا، بل إنما تعلق النهي به بلحاظ النظر إلى حرام آخر، واستلزامه له، وهو حرمة إدامة الطيب حال الاحرام، لو بقي الريح، كما تدل عليه الرواية بقوله عليه السلام: من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم (1) فعلى هذا ليس الادهان بما هو حراما، بل بقاء الأثر بعد الاحرام حرام و منهي عنه فلو لم يتمكن بعد الادهان من إزالة الأثر لضيق الوقت أو غيره، يكون الادهان مستلزما للحرام، لا حراما بنفسه، ومتعلقا للنهي مستقلا.
وما يقال إن في سعة الوقت لا يكون الادهان حراما، ولكنه يحرم انشاء الاحرام قبل زوال الأثر، فهو أيضا غير سديد، فإنه إن كان المراد من حرمة الاحرام الحرمة التكليفية، فاللازم بطلان الاحرام، وعدم صحته، لكونه أمرا عباديا لا يتحقق مع النهي، ولم أر من صرح بذلك، على ما لاحظت الجواهر والمدارك وغيرها.
وإن كان المقصود إن الاحرام حال بقاء أثر الطيب حرام من جهة الابتلاء باستدامة الطيب وكونه علة لذلك، فيكون أيضا حراما وباطلا لكونه منهيا عنه ولا يصح التقرب به، فإن قصد التشريع بالاحرام يقع باطلا وفاسدا للتشريع