وبين ما تدل على النهي والحرمة فحمل المشهور الطائفة الأولى على صورة الأذى والضرر كما أن غير المشهور حملوا الطائفة الثانية على الكراهة بقرينة الطائفة الأولى فالمهم نقل الأخبار والتأمل فيها ومنها ما عن أبي الجارود قال سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن رجل قتل قملة وهو محرم قال بئس ما صنع قال: فما فدائها قال: لا فداء لها (1) فهل قوله بئس ما صنع ظاهر في الحرمة أو الكراهة، لا يبعد دعوى ظهوره في الأول وإن ورد ما يخالفه فلا بد من الجمع بينهما وعلى كل حال الرواية مطلقة ولا يختص بصورة الاضطرار والأذى ولعل السؤال إنما وقع عن أمر كلي فرضه السائل كما في كثير من سؤالات زرارة لا أنه سئل عن أمر وقع في الخارج ومنها رواية زرارة قال سألت أبا عبد الله هل يحك المحرم رأسه قال يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة (2) ورواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: المحرم يلقي عنه الدواب كلها إلا القملة فإنها من جسده وإن أراد أن يحول قملة من مكان إلى مكان فلا يضره (3) والتعليل بقوله عليه السلام فإنها من جسده يفيد أن كل دابة يتكون من جسد المحرم لا يجوز طرده والقائه وأما نقله من مكان آخر لا مانع منه سواء كان المكان الثاني مساويا للمكان الأول أو مرجوحا أو راجحا.
واستفادة حرمة القتل من الرواية لا بد أن يكون بالأولوية وإلا فهي واردة في الطرح والالقاء.
ومثلها رواية الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يرم المحرم القملة من ثوبه ولا من جسده متعمدا فإن فعل شيئا من ذلك فليطعم مكانها طعاما،