وأخرى لا يكون المقسم له معصية في نفسه بل قد يكون طاعة أو مباحا كما لو قال والله لأصلي الصلاة وأقرأ القرآن وبلى والله لأفعلهما وهذا النوع من الجدال إنما يكون في طاعة ولا يكون فيه معصية وإثم إلا إذا لم يكن في طاعة فمثل اكرام الأخ ونحوه الذي ليس فيه معصية خارج عن الجدال المحرم والرواية تدل على أن الجدال المنهى في الحج ما كان معصية بتعلق النهي عليه ولو بنفس هذا النهي كما يظهر من صاحب المستند قدس سره. الظاهر أن ما استظهره صاحب الجواهر من اعتبار كون القسم في المعصية أقرب إلى التحقيق إذا لظاهر من قوله عليه السلام إنما ذلك ما كان لله فيه معصية أن يكون كذلك قبل تعلق النهي عليه بسبب الاحرام وقطع النظر عن قوله تعالى ولا جدال ولا فسوق نعم بناء على القول بأن كل قسم حرام صادقا كان أو كاذبا لقوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم لا يحتاج إلى هذا الشرط بل يكون كل قسم حراما ومنهيا عنه في الحج إلا ما كان في طاعة كالكرام الأخ.
وهنا احتمال ثالث وهو أن الجدال المحرم في المقام ليس النزاع والجدال في الحرب بل لاظهار التفوق على الغير في اثبات المطلب وفهمه وتصغير الغير و تحقيره وأما لو أكد ما يريد اظهاره بالقسم من دون أن يحاول ما تقدم من التحقير و والتصغير فلا يعد جدالا كما في الآيات الكريمة التي أقسم الله تعالى تأكيدا للمطلب ورفعا للشبهات المحتملة أن تعتري على قلوب الضعفاء من المخاطبين.
ثم إنه بناء على ما استظهره صاحب الجواهر من اعتبار المعصية في الجدال قبل تعلق النهي به لا يرفع اليد عن عموم النهي إلا بأدلة حاكمة عليه مثل الضرر و الحرج والاضطرار لو كان وإلا فلا بد من رعاية الأهم في المقام من تقديم الواجب على الحرام أو العكس كما في غير المورد من التزاحم بين الواجبين أو بين الحرامين أو الواجب والحرام.
وأما بناء على ما اختاره المستند من حرمة كل جدال إلا ما كان في طاعة الله فلا يحتاج إلى دليل حاكم فلو توقف اثبات حق أو ابطال بدعة على الجدال و