قال محمد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: سمعت من يقول: تريح وتغبق بالغين المعجمة، والباء، يعتقده أنه من الغبوق، وهو الشرب بالعشي، وهذا تصحيف فاحش، وخطأ قبيح، وإنما هو (1) بالعين غير المعجمة المفتوحة، والنون المفتوحة، وهو ضرب من سير الإبل، وهو سير شديد، قال الزاجر:
- يا ناق سيري عنقا فسيحا * إلى سليمان فنستريحا - لأن معنى الكلام، أنه لا تعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق، في الساعات التي لها فيها راحة، ولا في الساعات التي عليها فيها مشقة، ولأجل هذا قال تريح من الراحة، ولو كان فيها من الرواح، لقال تروح، وما كان يقول تريح، ولأن الرواح عند العشي يكون قريبا منه، والغبوق هو شرب العشي، على ما ذكرناه، فلم يبق له معنى، وإنما المعنى ما بيناه، وإنما أوردت هذه اللفظة في كتابي، لأني سمعت جماعة من أصحابنا الفقهاء يصحفونها.
باب وجوب زكاة الفطرة (2) ومن تجب عليه الفطرة واجبة على كل مكلف مالك قبل استهلال شوال أحد الأموال الزكاتية، فأما من ملك غير الأموال الزكاتية، فلا تجب عليه إخراج الفطرة، على الصحيح من الأقوال، وهذا مذهب جميع مصنفي أصحابنا. ومذهب شيخنا أبي جعفر في سائر كتبه، إلا في مسائل خلافه (3) والصحيح ما وافق فيه أصحابه، لأن الأصل براءة الذمة، فمن شغلها بشئ يحتاج إلى دليل شرعي، ويلزمه أن يخرجها عنه، وعن جميع من يعول، ممن نجب عليه نفقته، أو من يتطوع بها عليه، من صغير وكبير، حر وعبد، ذكر وأنثى، ملي، أو كتابي، ويجب عليه إخراج الفطرة عن عبده، سواء كان آبقا أو غير آبق، مغصوبا أو غير مغصوب،