وإذا لم يكن الإمام ظاهرا، ولا من نصبه الإمام حاصلا، فرقها الإنسان بنفسه، على ستة أصناف، ويسقط بعض السادس، لا جميعه، على ما حررناه وشرحناه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته (1) إذا لم يكن الإمام ظاهرا، ولا من نصبه الإمام حاصلا، فرقت الزكاة على خمسة أصناف، من الذين ذكرناهم، وهم الفقراء والمساكين وفي الرقاب والغارمون وابن السبيل، ويسقط سهم المؤلفة قلوبهم، وسهم السعاة، وسهم الجهاد، وقد قلنا نحن إن السهم الذي هو في سبيل الله، ليس هو مخصوصا بالجهاد، على انفراده دون غيره من أبواب البر، قال رحمه الله: لأن هؤلاء لا يوجدون إلا مع ظهور الإمام، لأن المؤلفة إنما يتألفهم الإمام ليجاهدوا معه، والسعاة إنما يكونون أيضا من قبله في جمع الزكوات، والجهاد أيضا إنما يكون به أو بمن نصبه، فإذا لم يكن ظاهرا، ولا من نصبه، فرق فيمن عداهم.
والذين يفرق فيهم الزكاة اليوم، ينبغي أن يحصل فيهم مع إحدى الصفات الأصلية، وهي المسكنة والفقر، وكونه ابن سبيل، وكونه غارما، أن ينضاف خمس صفات أخر إلى الصفة الأصلية، فتجتمع فيه ست صفات، وهي الفقر، والإيمان، والعدالة، أو حكمهما (2)، وأن لا يقدر على الاكتساب الحلال بقدر ما يقوم بأوده، وسد خلته وأود من يجب عليه نفقته، والأود بفتح الواو، الاعوجاج، ولا يكون من بني هاشم، مع تمكنهم من أخماسهم، ومستحقاتهم، ولا يكون ممن يجبر المعطى على نفقته، وهم العمودان، الآباء، وإن علوا، والأبناء وإن سفلوا، والزوجة، والمملوك، فإن لم يكونوا كذلك، فلا يجوز أن يعطوا منها شيئا، فمن أدى زكاته لغير من سميناه، مع العلم بحاله، فإنه لا تبرأ ذمته، مما وجب عليه بغير خلاف، ووجب عليه إخراجها ثانيا بغير خلاف أيضا، وإن لم يعرفه (3) فقد برئت ذمته، وأخذها من أخذها حراما، إذا علم إنها من الزكاة، وإنه غير مستحق لها.