بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله كما حمد نفسه، والصلاة على محمد وآله كما ينبغي لهم، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
لا يخفى على ذوي البصائر أن للشموس الأحمدية والأقمار العلوية والكواكب الفاطمية إشراقات نورانية وإضاءات روحانية وسطوعات ربانية أحاطت بالعالم فعمته بالخير والبركة، فشقت للناس سبل الهداية وأوضحت لهم طرق الغواية، فسعد من اهتدى بهداهم وشقي من تنكب عن سبلهم، ومن تلك النعم التي فاضت بها شفاههم الشريفة صلوات الله عليهم روايات الأحكام الشرعية، والتي لها القدح المعلى في تراث أهل البيت عليهم السلام.
وتفاعل المسلم مع هذه الروايات مر في مراحل مختلفة باختلاف الظروف والملابسات، بحيث كان رجوع المسلم في عصر النص والتشريع أهون بكثير من رجوعه وهو يعيش زمن الغيبة، وكذا الحال في زمن الغيبة فإن معرفة الأحكام الفقهية أخذت تمر بأدوار مختلفة عمقا وسعة نتيجة تعمق المعارف الأصولية وانتقال الخبرات من فقيه سابق إلى فقيه لاحق، فظهرت الكتب الفقهية والمصنفات الاستدلالية بعد أن كانت لا تتعدى طريقة نقل الأخبار وسرد الأحاديث بعد تبويبها ومحاولة الجمع العرفي بين المتعارضات منها.
ومن جملة تلك الآثار " كتاب السرائر " لمصنفه فخر الدين محمد بن إدريس الحلي نور الله مضجعه، وهو بحق كتاب جامع في كل أبواب الفقه شحنه من التحقيق