ذريعته (1)، في فصل هل الأمر يقتضي المرة الواحدة أو التكرار، فقال: كلام السيد يدل على أن غسل الجنابة واجب في سائر الأوقات؟
قلنا: معاذ الله أن يذهب السيد إلى ما تو همه عليه، لأن هذا قول من لا يفهم ما وقف عليه، وإنما السيد أورد متمسك الخصم بأن قال الخصم أنا أريك أن الأمر يقتضي بمجرده المرات دون المرة الواحدة، وصور الصورة في غسل الجنابة.
قال السيد: الكلام عليه، إنما أوجبه من أوجبه، لأن كون الجنابة علة عند من قال بالعلل والقياس، لا لتكرر الأمر واقتضائه التكرار، بل لتكرر العلة التي هي الجنابة، فلما تكررت تكرر معلولها، قال ذلك دافعا للخصم، وملزما له ما يلتزم به من مذهبه، ورادا عليه ما يعتقده، من كون العلل لها أثر في الشرعيات، وحوشي السيد من أن يكون هذا اعتقاده ومذهبه.
يدل على ما ذكرته من مقصود السيد المرتضى رحمه الله ما ذكره الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتابه أصول الفقه في هذا الفصل بعينه في آخر الفصل بعد إيراد أدلة واحتجاجات كثيرة، قال: فقيل مع أن أكثر المتفقهة إنما أوجبوا تكرار الغسل بتكرر الجنابة، وتكرار الحد بتكرار الزنا، لما ذهبوا إليه من كون الجنابة علة للغسل، أو كون الزنا علة في الحد، ولم يوجبوا ذلك بالصفة حسب، وهذا أيضا يسقط ما ظنه صاحب الاستدلال (2) هذا آخر كلام الشيخ المفيد.
والذي يزيد مقصود السيد المرتضى رحمه الله بيانا ويوضحه برهانا، ما أورده وذكره في مسائل خلافه في الجريدة، قال السيد: عندنا إن من السنة أن يدرج مع الميت في أكفانه جريدتان خضراوتان رطبتان قدر كل واحدة منهما عظم الذراع، وخالف من عدا فقهاء الشيعة في ذلك، دليلنا على ما ذهبنا إليه: