مذهبنا، أن الإحرام لا ينعقد إلا من الميقات، سواء كان منذورا، أو غيره، ولا يصح النذر بذلك أيضا، لأنه خلاف المشروع، ولو انعقد بالنذر، كان ضرب المواقيت لغوا، والذي اخترناه، يذهب إليه السيد المرتضى رحمه الله، وابن أبي عقيل، من أصحابنا، وشيخنا أبو جعفر، في مسائل خلافه، فإنه قال: مسألة، من أفسد الحج، وأراد أن يقضي، أحرم من الميقات، ثم استدل فقال: دليلنا، إنا قد بينا أن الإحرام قبل الميقات لا ينعقد، وهو إجماع الفرقة، وأخبارهم، عامة في ذلك، فلا يتقدر على مذهبنا هذه المسألة (1) هذا آخر كلامه، فلو كان ينعقد الإحرام قبل الميقات إذا كان منذورا، لما قال فلا يتقدر على مذهبنا هذه المسألة، وهي تتقدر عند من قال يصح الإحرام قبل الميقات، وينعقد إذا كان منذورا، فليلحظ ذلك.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في نهايته: ومن عرض له مانع من الإحرام، جاز له أن يؤخر أيضا عن الميقات، فإذا زال المنع، أحرم من الموضع الذي انتهى إليه (2).
قال محمد بن إدريس: قوله رحمة الله: جاز له أن يؤخره، مقصوده كيفية الإحرام الظاهرة، وهو التعري، وكشف الرأس، والارتداء، والتوشح والاتزار، فأما النية، والتلبية، مع القدرة عليها، فلا يجوز له ذلك، لأنه لا مانع يمنع من ذلك، ولا ضرورة فيه، ولا تقية، وإن أراد، وقصد شيخنا غير ذلك، فهذا يكون قد ترك الإحرام متعمدا من موضعه، فيؤدي إلى إبطال حجه بغير خلاف، فليتأمل ذلك.
وإن قدم إحرامه قبل الوقت، وأصاب صيدا، لم يكن عليه شئ، لأنه لم ينعقد إحرامه، وإن أخر إحرامه عن الميقات، وجب عليه أن يرجع إليه، ويحرم منه، متعمدا كان أو ناسيا، فإن لم يمكنه الرجوع إلى الميقات، وكان قد ترك