فيها، بالبيع والشراء والوقف، وسائر أنواع التصرفات، وهذا حكم أرضيهم إذا عمروها، وقاموا بعمارتها، فإن تركوها خرابا، أخذها إمام المسلمين، وقبلها من يعمرها، وأعطى أصحابها طسقها، وأعطى المتقبل حصته، وما يبقى، فهو متروك لمصالح المسلمين، في بيت مالهم، على ما روي في الأخبار (1) أورد ذلك شيخنا أبو جعفر.
والأولى عندي ترك العمل بهذه الرواية، فإنها تخالف الأصول، والأدلة العقلية، والسمعية، فإن ملك الإنسان لا يجوز لأحد أخذه، ولا التصرف فيه بغير إذنه، واختياره، فلا نرجع عن الأدلة بأخبار الآحاد.
والطسق: الوضيعة توضع على صنف من الزرع، لكل جريب، وهو بالفارسية تسك، وهو كالأجرة للإنسان، فهذا حقيقة الطسق.
والضرب الثاني من الأرضين، ما أخذ عنوة بالسيف، عنوة بفتح العين، وهو ما أخذ عن خضوع وتذلل، قال الله تعالى: " وعنت الوجوه للحي القيوم " (2) أي خضعت وذلت، فإن هذه الأرض تكون للمسلمين بأجمعهم، المقاتلة وغير المقاتلة، وكان على الإمام أن يقبلها لمن يقوم بعمارتها، بما يراه من النصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك، وكان على المتقبل إخراج ما قبل به، من حق الرقبة، يأخذه الإمام، فيخرج منه الخمس يقسمه على مستحقيه، والباقي منه يجعله في بيت مال المسلمين، يصرف في مصالحهم، من سد الثغور وتجهيز الجيوش، وبناء القناطر، وغير ذلك، وليس في هذا السهم الذي هو حق الرقبة، زكاة، لأن أربابه وهم المسلمون، ما يبلغ نصيب كل واحد منهم، ما يجب فيه الزكاة، وما يبقى للمتقبل، يخرج منه الزكاة إذا بلغ النصاب بحسب سقيه، وهذا الضرب من الأرضين، لا يصح التصرف فيه، بالبيع، والشراء، والوقف، والهبة، وغير ذلك، أعني نفس الرقبة.