فجملة ما عند المخالف في ذلك، أن الأرض تحيى للدار، والحظيرة، والزراعة، فإحياءها للدار عندهم فهو بأن يحوط عليها حائط، ويسقف عليه.
فإذا فعل ذلك، فقد أحياها عندهم، وملكها ملكا مستقرا، ولا فرق بين أن يبني الحائط بطين، أو بآجر وطين، أو آجر وجص، أو خشب، هذا عند المخالف، فأما عندنا فلو خص عليها خصا، أو حجرها، أو حوطها بغير الطين، والآجر والجص، ملك التصرف فيها، وكان أحق بها، من غيره، ثم قال المخالف: فأما إذا أخذها للحظيرة، فقدر الإحياء، أن يحوطها بحائط من آجر، أو لبن، أو طين، وهو الرهص، أو خشب، وليس من شرط الحظيرة أن يجعل لها سقف، وتعليق الأبواب في الدور، والحظيرة ليس من شرطه، وفيهم من قال، هو شرط، وأما الإحياء للزراعة، فهو أن يجمع حولها ترابا، وهو الذي يسمى مرزا، الراء قبل الزاء، وأن يرتب لها الماء، إما ساقية يحفرها لسوق الماء فيها أو بقناة يحفرها، أو بئر، أو عين يستنبطها، فهذا جميعه أورده شيخنا في كتابه المقدم ذكره، شارحا، وذاكرا تقسيمات المخالف، وما هو عندهم إحياء، وكيفيات ذلك، بعد أن أحكم في الأول، ما هو عندنا إحياء، والذي يقتضيه مذهبنا، من الرجوع فيه إلى العرف والعادة، لأنه قال: لم يرد الشرع ببيان ما يكون إحياء دون ما لا يكون، غير أنه إذا قال النبي صلى الله عليه وآله: من أحيا أرضا ميتة فهي له، ولم يوجد في اللغة معنى ذلك، فالمرجع فيه إلى العرف والعادة (1).
ثم أورد بعد ذلك تقسيمات المخالف، في كيفية الإحياء، فلا يتوهم من يقف عليها، أنها مقالة أصحابنا، فإن هذا الكتاب، أعني المبسوط، قد ذكر فيه مذهبنا، ومذهب المخالف، ولم يميز أحد المذهبين من الآخر تمييزا جليا وإنما يحققه ويعرفه من اطلع على المذهبين معا، وسبر قول أصحابنا وحصل خلافهم،