غير ما ظنناه وكذلك في القياس متناول الظن شبه الفرع بالأصل في علة التحريم، ومتناول العلم كون الفرع محرما، وإنما منعنا من القياس بالشريعة وأخبار الآحاد مع تجويز العبادة بهما من طريق العقول، لأن الله تعالى ما تعبد بهما ولا نصب دليلا عليهما، فمن هذا الوجه أطرحنا العمل بهما، ونفينا كونهما طريقين إلى التحريم والتحليل.
قال المرتضى قدس الله روحه: وإنما أردنا بهذه الإشارة أن أصحابنا كلهم، سلفهم وخلفهم، ومتقدمهم ومتأخرهم، يمنعون من العمل بأخبار الآحاد، ومن العمل بالقياس في الشريعة، ويعيبون أشد عيب على الذاهب إليهما، والمتعلق في الشريعة بهما، حتى صار هذا المذهب لظهوره وانتشاره معلوما، ضرورة منهم وغير مشكوك فيه من أقوالهم.
قال المرتضى رضي الله عنه: وقد استقصينا الكلام في القياس، وفرعناه وبسطناه، وانتهينا فيه إلى أبعد الغايات في جواب مسائل، وردت من أهل الموصل متقدمة، أظنها في سنة نيف وثمانين وثلاثمائة، فمن وقف عليها استفاد منها جميع ما يحتاج إليه في هذا الباب. قال: وإذا صح ما ذكرناه، فلا بد لنا فيما ثبتناه من الأحكام فيما نذهب إليه من ضروب العبادات، من طريق يوجب العلم ويقتضي اليقين. قال: فطريق العلم في الشرعيات هي الأقوال التي قد قطع الدليل على صحتها، وأمن العقل من وقوعها على شئ من جهات القبح كلها، كقول الله عز وجل، وكقول الرسول عليه السلام، والأئمة الذين يجرون في العصمة مجراه عليه السلام، ولا بد لنا من طريق إلى إضافة الخطاب إلى الله تعالى إذا كان خطابا له، وكذلك في إضافته إلى الرسول وإلى الأئمة عليهم السلام. قال: وقد سلك قوم في إضافة خطابه إليه تعالى طرقا غير مرضية، وأصحها وأبعدها من الشبه، أن يشهد الرسول صلى الله عليه وآله المؤيد بالمعجزات في بعض الكلام أنه كلام الله تعالى، فيعلم بشهادته أنه كلامه،